فليكن في عملي هذا تشجيع للناس على ترجمة أنفسهم، وتنشيط على الاعتناء بهذا الفن المهمَل الذي يضيق المقام عن تعداد فوائده التي منها: أن الأمم لا تعتبر في مقام الحياة إلّا بقدر ما فيها من الرجال وما يحسنون.
نسبي:
عُلِمَ من ترجمة سيدي الوالد -قدس الله روحه- بآخر تراجم المالكية من هذا الجزء، ومسقط رأسي فاس، بها قرأت وتعلمت، وبأدب أهلها تأدبت، وسكنت مكناسة الزيتون ستين ونيفًا، ثم وجدة ثلاث سنين، ثم مراكش نحو سنة، ثم الرباطسنة ثلاثين، ثم عدت إليه آخر سنة تسع وثلاثين, وبه وبفاس لي دار واستقرار الآن تمسكًا بالحق في العاصمتين، واعترافًا بفضل المدينتين، ودخلت جل مدن المغرب والجزائر، وتونس إلى سفاقص، ولقيت أهم رجال القطرين، وذاكرتهم وعرفتهم، وأخذت عن كبار أعلامهم، وأخذوا عني بما بُيِّنَ في "الفهرس", وتجولت فيهما كثيرًا، وفي أوربا بما هو مفصل في رحلاتي.
وأما عقيدتي:
فسنية سلفية؛ اعتقد عن دليل قرآني، برهاني ما كان عليه النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه الراشدون, مالكي المذهب ما قام دليل.
وجدت بخط سيدي الوالد -رحمه الله- في عقيدته: ولد لي سيدي محمد -حفظه الله- من الزوجة الصالحة بنت الأمين السيد الحسين عبد الكبير جنون يوم رابع رمضان المعظم عند النداء لصلاة الجمعة سنة ١٢٩١ إحدى وتسعين ومائتين وألف هجرية, جعله الله من علمائه العاملين، وأوليائه الصالحين أهـ، وذلك موافق ٢٢ سبتمبر ١٨٧٤، ومحل ولادتي بالدار التي أسسها سيدي الجد -رحمه الله- بجرنيز قرب الحرم الإدريسي.
ربيت في حجر سيدي الوالد والوالدة الصالحة القانتة، وكان لهما الاعتناء التام بتربيتي وتهذيبي، وإصلاح شئوني إذ كنت أول مولود لهما، واستعانت الأم في ذلك بجدتي من قبل الأب، فكانت تحوطني، وتحنو عليّ أكثر من الأم