للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العام, فأرشد إلى ما يحفظ الصحة وتجنب ما يضرها، وهذَّب الأخلاق فأمر بالصدق في المعاملات والوفاء بالعقود والعهود, وأوجب ترك الذنوب من زنى وخمر وغيبة ونميمة وقذف وسعاية وشهادة زور وانحراف في الأحكام أو تحريف لحلال أو حرام وغير ذلك، فلو أن المسلمين عملوا بأحكام الفقه والدين كما كان آباؤهم لكانوا أرقى الأمم وأسعد الناس.

كما أنه جعل للفقراء حظًّا في مال الأغنياء بالزكوات والكفَّارات, وهذا أساس المبادئ الاشتراكية المعتدلة, والأعمال الخيرية التي تأسَّست لها الجمعيات الكبرى في أوربا١.

كما شرع الحج ليحصل اجتماع عام لسائر الأمم التي تدين به؛ ليستفيد بعضهم من بعض علومهم وأحوالهم, فيتعاونوا ويتآزورا, وفي ذلك إعانة لأهل الحرمين الشريفين، ليكونا مركزين عظيمين للإسلام، كما شرع اجتماعات أخرى أصغر وأيسر في الجُمَعِ والأعياد.

وبيَّنَ كيفية تأسيس العائلات, فندب إلى الزواج وحثَّ عليه، وبيَّنَ العقود التي تعتبر زواجًا، وشروطها من وليٍّ وصداق وشهود، وما خالفها فهو زنى أو قريب منه في حق الأمة دون الرسول فله في ذلك خصوصيات، ورخَّص في الصلاق لما عسى أن يقع من تشاجر الزوجين. وما يتعلق بذلك من نحو إيلاء وظهار.

كما بيَّنَ آداب دخول البيوت من الاستئذان والسلام، وجعل احترامًا خاصًّا لكل إنسان, هو ما يعبَّر عنه بالحرية الشخصية، وسدل الحجاب بين الرجال والنساء الأجنبيات محافظة على النسل, وإبعادًا للمظنة, وإراحة لكل ضمير. وجعل ضوابط للنسب والقرابة والرحم, ومن يعد قريبًا من نسبك أو رحمك ومن لا, حتى الولائم جعل لها آدابًا.

وبيَّنَ أحكام المعاملات من بيع وإجارة ورهن وقرض وقراض وشركة وإبضاع, وغيرها من المعاملات المالية التي تقتضيها القاعدة التي عليها منبيٌّ علم الاجتماع، وهي أن الإنسان مدني الطبع محتاج إلى أبناء جنسه، فهو


١ يبدو أنه لم يكن اتضح بعد حقيقة هذه الجمعيات المشبوهة واضطلاع دور اليهود في إدارتها لخدمة أغراضهم الدنيئة.

<<  <  ج: ص:  >  >>