رحل إلى الكوفة والبصرة ومكة والمدينة والشام والجزيرة، وروى عن هشيم، وإبراهيم بن سعد، وجرير بن عبد الحميد، وعمرو بن عبيد، ويحيى بن أبي زائدة، وعبد الرزاق، وابن علية، والوليد بن مسلم: ووكيع وابن مهدي، والقطان، وابن عيينة وخلائق، وروى عنه البخاري في باب ما يحل من النساء وما يحرم، وفي المغازي بواسطة، وكأنه لم يكثر عنه؛ لأن البخاري في رحلته الأولى لقي أشياخه، فاستغنى عنه بهم، وفي الأخيرة كان أحمد قطع التحديث، فروى عن أقرانه ابن المديني، وأكثر عنه فمن دونه. وروى عنه ولداه السيدان الحفاظان صالح وعبد الله، ومسلم، وأبو داود وغيرهم، بل روى عنه الشافعي، وابن مهدي، الأسود بن عمر، ويزيد بن عمر من شيوخه، وابن معين، وابن المديني من أقرانه، وأبو زرعة، والأثرم، والكوسج وخلق آخرهم موتا أبو القاسم البغوي.
وقد أفردت ترجمته ومناقبه بالتصنيف قال أبو زرعة: إنه كان يحفظ ألف ألف حديث، والذي له في المسند نحو ثلاثين ألف حديث، وفي التفسير مائة وعشرون ألفا. قال أبو زرعة: حزرت كتب أحمد يوم مات، فكانت اثني عشر حملا وعدلا، وكل ذلك يحفظه عن ظهر قلب. قال عبد الله ولده، قال لي أبي: خذ أي كتاب شئت من كتب وكيع، فإن شئت أن تسألني عن الكلام حتى أخبرك عن الإسناد، أو عن الإسناد حتى أخبرك عن الكلام.
ولد أحمد سنة ١٦٤ أربع وستين ومائة، وامتحن في رمضان سنة ٢٢٠ عشرين ومائتين، وتوفي ببغداد سنة ٢٤١ إحدى وأربعين ومائتين رحمه الله.
ثناء الناس عليه:
أما ثناء الناس عليه، فكثير: قال في "المدارك": وأما زهده وورعه فأشهر من أن يذكر، وقد حاز هو والثوري في ذلك قصب السبق، ومزيد الشهرة، وإن كان لبقية الأئمة من ذلك الحظ الأوفر، والنصيب الأكبر، قال الشافعي: خرجت من بغداد وما خلفت فيها أفقه ولا أورع ولا أزهد ولا أعلم من ابن حنبل.