ولم يكن يقدم على الحديث الصحيح عملا ولا رأيا، ولا قياسا، ولا قول صحابي، ولا عدم علمه بالمخالف الذي يسميه كثير من الناس إجماعا، ويقدمونه على الحديث الصحيح، وقد كذب أحمد من ادعى هذا الإجماع، ولم يسغ تقديمه على الحديث الصحيح، وكذا الشافعي في رسالته الجديدة ولفظه: ما لا يعلم فيه خلاف، فليس إجماعا قال: ونصوص رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أجل عند أحمد وسائر أئمة الحديث من أن يقدموا عليها توهم إجماع مضمونه عدم العلم بالمخالف، لو ساغ، لتعطلت النصوص، وساغ لكل من لم يعلم خلافا أن يقدم جهله بالمخالف على النصوص.
الأصل الثاني: فتاوى الصحابة، فإذا وجد لأحدهم فتوى لا يعرف لها مخالفا منهم فيها لم يعدها إلى غيرها، ولم يقل: إن ذلك إجماع، ولا يقدم على هذا عملا ولا رأيا ولا قياسا.
الأصل الثالث: إذا اختلف الصحابة، تخير من أقوالهم أقربها إلى الكتاب والسنة ولم يخرج عن أقوالهم، فإن لم يتبين له موافقة أحد الأقوال حكى الخلاف ولم يجزم بقول، ويأتي عنه أنه قد يقدم قول الصحابي على الحديث المرسل.
الأصل الرابع: الأخذ بالمرسل والحديث الضعيف إذا لم يكن في الباب شيء يدفعه وهو الذي رجحه على القياس، وليس المراد عنده بالضعيف الباطل، ولا المنكر، ولا ما في روايته متهم بحيث لا يسوغ الذهاب إليه، بل هو عنده قسيم الصحيح، وقسم من أقسام الحسن، ولم يكن يقسم الحديث إلى صحيح وحسن وضعيف، بل إلى صحيح، وضعيف، وللضعيف عنده مراتب، فإذا لم يجد في الباب أثرا يدفعه، ولا قول صاحب، ولا إجماع على خلافه، كان