للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يشير الزمخشري في نظم رمز فيه إلى ما تلمز به المذاهب الأربعة، وهو:

لئن سألوا عن مذهبي لم أبح به ... وأكتمه كتمانه لي أسلم

فإن حنفيا قلت قالوا بأنني ... أبيح الطلا وهو النبيذ المحرم

وإن مالكيا قلت قالوا بأنني ... أبيح لهم أكل الكلاب وهو هم

وإن شافعيا قلت قالوا بأنني ... أبيح نكاح البنت والبنت تحرم

وإن حنبليا قلت قالوا بأنني ... ثقيل حلولي بغيض مجسم

تحيرت من هذا الزمان وأهله ... ولا أحد من أهله قط يسلم

وعلى كل حال فالإمام أحمد والجلة من أصحابه براء من تلك المعتقدات الزائغة١.

قواعد مذهب ابن حنبل في الفقه:

مبدؤه قريب من مبدإ الشافعي؛ لأنه تفقه عليه حتى إن الشافعية يعدونه شافعيا، ولكن الحق أنه مذهب مستقل وأن نسبته للشافعي كنسبة أبي يوسف لأبي حنيفة غير أن مذهب أبي يوسف ألف مع مذهب أبي حنيفة، فامتزجا بخلاف أحمد، فقد ألف مذهبه مستقلا. قاله الدهلوي.

قال في "إعلام الموقعين": فتاوى أحمد بن حنبل مبنية على خمسة أصول أحدها:

النصوص القرآن والحديث المرفوع، فإذا وجده، أفتى بموجبه ولم يلتفت إلى ما خالفه ولا من خالفه كائنا من كان، ولهذا لم يلتفت إلى خلاف عمر في المبتوتة لحديث فاطمة بنت قيس٢ وساق أمثلة من ذلك، قال: وهذا كثيرا جدا،


١ يحسن مراجعة "دفع شبه التشبيه" لابن الجوزي في هذا الباب.
٢ هو في صحيح مسلم ٢/ ١١١٨ رقم "٤٦" ولفظه عن أبي إسحاق قال: كنت مع الأسود بن يزيد جالسا في المسجد الأعظم ومعنا الشعبي فحدث الشعبي بحديث فاطمة بنت قيس أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يجعل لها سكنى ولا نفقة ثم أخذ الأسود كفا من حصى، فحصبه، فقال: ويلك تحدث بمثل هذا، قال عمر: لا نترك كتاب الله، وسنة نبينا -صلى الله عليه وسلم- لقول امرأة لا ندري لعلها حفظت أو نسيت لها السكنى والنفقة، قال الله عز وجل: {لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} .

<<  <  ج: ص:  >  >>