للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بطلاء الدين تمويهًا على المغفلين.

عقيدته:

قد رموه هو وأصحابه بالحلول وبالتجسيم وبالجهة حيث قال بالفوقية والعلو الواردين في النصوص والاستواء، ونسبوا إليه القول بقدم الحروف والأصوات، وكل ذلك غير صحيح، وإنما هم سلفيون يقتصرون على الوارد، ولا يخوضون في علم الكلام، ولا التأويل، بل يفوضون ويعتقدون في نحو الاستواء واليد والعلو أنها صفات لا نعلم كنهها مع كمال التنزيه عن سمات الحدوث.

وهذا محض التوحيد الحق، فإن القدر الوارد في الكتاب والسنة القطعية من صفات الباري يجب أن يكون حدا مانعا يوقف عنده ويفوض في فهمه، ولا يتطلع إلى ما سواه، فاجناب أعظم من أن يقاس {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} ١ نعم حملتهم على الأشعرية وعلماء الكلام من أهل السنة، وتنديد من ندد بهم منهم كالذهبي حملة غير مستحسنة، فالحنابلة رأي استصوبوه لا يسوغ لهم التنديد بأعلام الأمة فيما سلكوه من التأويل الذي لم يجزموا بأنه مراد، بل طرقوه احتمالا، لا سيما تنديدهم بهم في ذبهم عن عقائد السنة بالبراهين القطعية، وهدم بناء الاعتزال بالأسلحة التي بها كان بناؤه، ولولا ذلك لبقي سائدا إلى اليوم، فإن جمود الحنابلة لم يكن مفيدا في هدم قواعد الاعتزال، والذي أفاد في هدمها هو الإمام الأشعري الذي فل الحديد بالحديد كما يأتي لنا في ترجمته، نعم إن جهلة الحنابلة أداهم الجمود على الظاهر إلى بعض معتقدات فاسدة ففي تاريخ ابن العبري إن الخليفة الراضي العباسي لما وقع تشغيب من الحنابلة خرج توقيع بما يقرأ عليهم، ومنه: إنكم تارة تزعمون أن صورة وجوهكم القبيحة السمجة على مثال رب العالمين، تذكرون الكف والأصابع والرجلين والنعلين الذهب والشعر القطط والنزول إلى الدنيا، فلعن الله شيطانا زين لكم هذه المنكرات ما أغواه إلخ ... انظر عدد ٢٨٣ منه وإلى هذه المعتقدات


١ سورة الشورى: الآية: ١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>