للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليكم فرائض فلا تضيعوها، وحد حدودا فلا تعتدوها، ونهى عن أشياء فلا تنتهكوها، وسكت عن أشياء رحمة بكم غير نسيان، فلا تبحثوا عنها"١ قال الله تعالى: {لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} ٢ فإذا استعملنا القياس بطل القسم الثالث المعفو عنه، ويكفينا التمسك باستصحاب البراءة الأصلية، فإذا اعتبرتم هذا هو حكم الله في المسألة، فذاك وإلا، فلا دليل يصرح بأن لله في كل مسألة حكما، وهذا الحديث ناطق بأن هناك قسما قد عفا عنه، ولم يبينه، بل سكت عنه رحمة غير نسيان.

وقد عاب جمهور الأمة عليهم أمورا، وشنعوا عليهم فيها.

الأول: رد القياس الصحيح لا سيما المنصوص على علته التي يجري عليها مجرى النص على التعميم، فكيف يتوقف عاقل أن قوله تعالى: {إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ} ٣ أنه نهى عن كل رجس، فيدخل شحمه وبعره وشعره كما لا يستريب مسلم أن قوله عليه الصلاة والسلام في الهرة "ليست بنجس، إنها من الطوافين عليهم والطوافات" ٤ أن ما كان من


١ حديث حسن أخرجه الدارقطني ص٢٠٥، والحاكم ٤/ ١٥، والبيهقي ١٠/ ١٢، ١٣ من طرق عن داود بن أبي هند، عن مكحول، عن أبي ثعلبة ألا إن مكحول لا يصح له سماع منه، لكن يشهد له حديث أبي الدرداء بلفظ "الحلال ما أحل الله والحرام ما حرم الله في كتابه، وما سكت عنه، فهو مما عفا عنه" ثم تلا هذه الآية {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} أخرجه الحاكم وصححه والبيهقي ١٠/ ١٢، وقال الهيثمي في "المجمع" ٧/ ٧٥، بعد أن عزاه للبزار: ورجاله ثقات، وحديث سلمان الفارسي عند الترمذي "١٧٢٦" وابن ماجه "٣٣٦٧" والحاكم ٤/ ١١٥، والبيهقي "٩/ ٣٢٠، ١٠/ ١٢" قال: سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن السمن والجبن والفراء فقال: "الحلال ما أحل الله في كتابه، والحرام ما حرم الله في كتابه، وما سكت عنه، فهذا مما عفا عنه"، وسنده ضعيف.
٢ سورة المائدة الآية: ١٠١.
٣ سورة الأنعام الآية: ١٤٥.
٤ أخرجه مالك ١/ ٢٣، وأحمد ٥/ ٣٠٣، وأبو داود "٧٥" والترمذي "٩٢" والنسائي ١/ ٥٥، وابن خزيمة، وابن حبان "١٢١"، والحاكم ١/ ١٥٩، ١٦٠، ونقل البيهقي تصحيحه عن البخاري والدارقطني.

<<  <  ج: ص:  >  >>