للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هو في السنة، فالشرط المناقض لما أصله الكتاب والسنة باطل كشرط الولاء لبائع العبد الذي جعلته السنة لمن أعتق، وما سوى ذلك، فعلى البراءة الأصلية بدليل قوله في آخر الحديث "شرط الله أحق وأوثق".

الخامس: أن عدم تسليمهم أن لله في كل حادثة حكما معينا مبني على تصويب المجتهدين كلهم فيما لا قاطع فيه، وقد برهن على ضعفه في الأصول.

الحزب الثالث الذين توسطوا، فتمسكوا بالنصوص ظاهرها وإشاراتها وإيماءاتها واقتضاءاتها ومفاهيمها، فإذا لم يجدوا دلالة من الدلالات، تمسكوا بالقياس أو غيره من بقية الأدلة السابقة، فعملوا بكل الأدلة القوية التي عضدتها القرائن واللغة وموارد كلام العرب، وطريق الصحابة في استدلالاتهم وفهمهم وأحكامهم، لا يخرجون عن ذلك، ولا يغرقون في القياس، ولا يتناقضون فيه، ولا يغرقون في التمسك بالظاهر والجمود عليه.

وهذه الطريقة عليها سير الجمهور من أئمة المذاهب الثلاثة والمعتدلين من الحنفية إلا أنه افترقت أفكارهم في تطبيقها على الحوادث والمسائل، ولكل وجهة ولو شاء الله ما اختلفوا، وهذا الحزب يقول أيضا: لكل مسألة حكم، وفي النصوص كثير من الأحكام، ولا غنى عن القياس، وبقية الأدلة لكن عند عدم النص، واستدلوا على أن لله في كل مسألة حكما بقوله تعالى: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} ١ وبقوله: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ} ٢ وقوله: {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ} الآية٣ {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} ٤ وأن الصحابة كانوا يسألون عن كل ما يقع لهم، وبأن رسالته عليه السلام عامة، فلتكن شريعته عامة. وهذه كلها أدلة إقناعية والله أعلم.


١ سورة الأنعام: ٣٨.
٢ سورة الشورى: ١٠.
٣ سورة النساء: ٨٢.
٤ سورة النحل: ٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>