للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يداه نعمتاه، فنسبوه لمذهب جهم قال في "منتخب تاريخ البرزالي" ولذا دفن بداره، وحاشاه من كل ما نسب إليه، فقد كان أحد أئمة الإسلام، وقد نقل الذهبي في كتاب "العلو" عنه عقيدة سلفية كعقيدة الحنابلة.

وقال السبكي في "الطبقات": إن ابن جرير أجل من أن يمنعه الحنابلة الخروج للناس على قلتهم وإنما هو اعتزل بنفسه.

قال جامعه: وهذا يرده ما في تاريخ "مختصر الدول" لابن العبري١ وغيره أنه في سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة عظم أمر الحنابلة ببغداد، وقويت شوكتهم، وصاروا يكبسون دور القواد والعوام، وإن وجدوا نبيذا أراقوه، وإن وجدوه مغنية ضربوها، وكسروا آلة الغناء، فأرهجوا بغداد ... إلخ ما في عدد ٢٨٣ منه، فانظره توفي في آخر شوال سنة ٣١٠ عشرة وثلاثمائة رحمه الله.

الطبري أحرز قصب السبق في التصنيف كثرة في إتقان مع عموم النفع:

ذكر أبو محمد الفرغاني في كتاب "الصلة" الذي وصل به تاريخ ابن جرير الكبير: أو قوما من تلاميذه لخصوا أيام حياته من لدن بلغ الحلم إلى أن توفي وهو ابن ست وثمانين سنة، ثم قسموا عليها أوراق مصنفاته، فصار لكل يوم أربع عشرة ورقة، وهذا لا يتهيأ لمخلوق إلا بكرم وعناية الباري سبحانه وتأييده. قاله في تاريخ "المعجب في تلخيص أخبار المغرب" وفي "المنح البادية" أنه مكث أربعين سنة يكتب كل يوم أربعين ورقة، ونحوه في كتاب "العلو" للذهبي.

وقد خلف في مصنفاته ما يقرب من ثلاثمائة ألف ورقة وخمسين ألف ورقة، وهذه أغنى التركات العلمية فيما بلغنا، فتبارك الله أحسن الخالقين، فبذلك حاز المعلى والرقيب٢ فلم يكن أحد من المتقدمين يبلغ مداه في الكثرة مع الإتقان وعموم النفع لوقتنا هذا، فلم يتفق هذا لغيره فيما أظن فيصح أن يقال: إنه أعظم مؤلف في الإسلام.


١ وفاته "٦٨٥هـ" واسمه غريغوريوس بن هارون الملطي من نصارى اليعاقبة مؤرخ حكيم لاهوتي. انظر الأعلام "٥/ ٣٠٨، ٣٠٩.
٢ المعلى: سابع سهام الميسر، والرقيب: الثالث.

<<  <  ج: ص:  >  >>