للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فقال: طريق وصلت بها إلى ربي١ لا أفارقها.

قال في "جوامع الجوامع" ونرى أن طريق الجنيد سيد الصوفية علما وعملا وصحبة طريق مقوم، فإنه خال من البدع، دائر على التسليم والتفويض والتبرؤ من النفس ومن كلامه: الطريق إلى الله مسدود على الخلق إلا على المقتفين آثار الرسول، ومن كلامه أقرب ما تقرب به المتقربون عمل خفي بميزان وفي، ولا التفات لمن رماهم في جملة الصوفية بالزندقة عند خليفة السلطان حتى أمر بضرب أعناقهم فأمسكوا إلا الجنيد، فإنه تستر بالفقه.


١ ويروى هذا الكلام عن علي، ولم يثبت بل ما عرف في الإسلام إشهار السبحة إلا في أيام الجنيد وقريب منها وكانت ولا تزال مستعملة عند رهبنة النصارى، فهي من البدع الإسلامية إلا أنها مستحسنة، وحيث ثبت في السنة تحديد بعض الأذكار بعد ثلاث وثلاثين، وبعضها بالمائة مثلا، فالسبحة نظام لهذه الأعداد، فلا تنكر على من استعملها في محل الذكر، أما من أشهره في عنقه، واتخذها شعارا في الأسواق تتميز بها طائفة دون أخرى، فلإنكارها عليه وجه وجيه؛ إذ لا يخلو عمله من رياء ظاهر أو خفي مع إحداث ما لم يكن في الصدر الأول، وتفريق الجامعة الإسلامية إلى غير ذلك. نعم قد روى الإمام أحمد بن محمد بن سليمان الروداني عالم الحرمين في المسلسلات من فهرست سلسلة السبحة إلى الجنيد عن سرى السقطي، عن معرو فالكرخي، عن بشر الحافي، عن عمر المكي، عن الحسن البصري وقد سئل عنها فقال: هذا شيء استعملناه في البدايات ما نتركه في النهايات أن أحب أن أذكر الله بقلبي ويدي ولساني قال أبو العباس الرداد: يتبين من قول الحسن أن السبحة كانت مستعملة زمن الصحابة لأن بداية الحسن من غير شك كانت معهم فإنه ولد لسنتين بقيتا من خلافة عمر ورأى عثمان وعليا وعمران بن حصين ومعقل بن يسار وأبا بكرة وأبا موسى وابن عباس وجابر وخلقا كثيرا من الصحابة، والخلاف في روايته عن علي مشهور. ا. هـ. كلام الروداني قلت الذي في ابن خلكان هو نسبة ما ذكر للجنيد وقد تكلم الأئمة في المسلسلات فالاستدلال بها من حيث السند غير ناهض على أن قول الحسن استعملناه في البدايات لا يلزم منه استعمالها وقت الصحابة، ولا تنهض حجة بذلك. وغاية ما يقال: إنها نظام الأعداد الواردة كما سبق.
وأما حديث الترمذي أن صفية دخل عليها النبي -صلى الله عليه وسلم- وبين يديها أربعة آلاف نواة تسبح بها، فقال: "ألا أعلمك أكثر مما سبحت؟ " فقلت: علمني، فقال: "سبحان الله عدد خلقه". فهو حديث ليس إسناده بمعروف، وكذا ما رواه أيضا: "وأعقدن بالأنامل، فإنهن مسئولات مستنطقات" فقال فيه الترمذي: إنه غريب لا يعرف إلا من حديث هانئ بن عثمان. ا. هـ. "مؤلف".

<<  <  ج: ص:  >  >>