وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} ١ باعوا الملة والدين ببخس، والله يتولى الانتقام من كل دجال.
على أن حدوث التصوف وتطوراته أدخل وهنًا على الفقه كثيرا بل وعلى الفقهاء، وقد كان الإكثار من ذلك بعد القرن السابع من أسباب هرم الفقه؛ إذ خرجوا عن المقصود إلى ما ليس بمقصود، والزيادة في الشيء نقصان، تركوا الأصول والفروض الدينية إلى كثرة النوافل، والتظاهر بالزهد مع الحرص الباطني على الدنيا على أن جل من رأينا أجهل الناس بالدين، وأعرفهم بالتحيل في نصب الحبائل للدرهم والدينار، وجعل المخرقة شبكة للاصطياد يقع في شراكها المغفلون.
حتى صار الأمر إلى طرق صورية لا صوفية، لها رقص وغناء ولهو وشطحات وشطح، وتواجد اللسان، وجمود الجنان في كل واد يهيمون ويصفون ما هم عنه ببطونهم غائبون، ويقولون ما لا يفعلون، فرقوا دينهم وصاروا شيعا، وأفضى الحال اليوم إلى فساد كبير، فصار الآخذون به كسالى يزعمون أنهم متوكلون، وإنما هم متواكلون عالة على المسلمين كالعضو الأشل في جماعة المؤمنين يسلبون أموالهم باسم الدين، وما أبعدهم عن الدين.
قال الإمام أبو الطيب طاهر الطبري في آخر كتابه في ذم السماع: فمن حظه من التصوف الإلحاح في الطلب، وكثرة الأكل، وسهر الليل، وسماع الغناء، والفرقعة بالأصابع، ودق الرجل والطقطقة بالقضيب، فإنما هو راكب ظلماء، وخابط عشواء قد أسرته شهوته، وأهلكه هواه، وغلبته نفسه، وقطعته الغفلة عن الاهتمام بالدين وسياسة النفس، وكان من الهالكين إلا أن يتوب الله عليه. ولله در أبي الحسن علي بن عبد الرحيم إذ يقول: