للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كتاب. وليكن آخر كلامنا في تاريخ التصوف نظم عز الدين بن عبد السلام الذي لا ينعقد إجماع دونه ونصه:

ذهب الرجال وحال دون مجالهم ... زمر من الأوباش والأنذال

زعموا بأنهم على آثارهم ... ساروا ولكن سيرة البطال

لبسوا الدلوق مرقعا وتقشفوا ... كتقشف الأقطاب والأبدال

قطعوا طريق السالكين وأظلموا ... سبل الهدى بجهالة وضلال

عمروا ظواهرهم بأثواب التقى ... وحشوا بواطنهم من الأدغال

إن قلت قال الله قال رسوله ... همزوك همز المنكر المتغالي

ويقول قلبي قال لي عن خاطري ... عن سر سري عن صفا أحوالي

عن حضرتي عن فكرتي عن خلوتي ... عن جلوتي عن شاهدي عن حالي

عن صفو وقتي عن حقيقة حكمتي ... عن ذات ذاتي عن صفا أفعالي

دعوى إذا حققتها ألفيتها ... ألقاب زور لفقت بمحال

تركوا الشرائع والحقائق واقتدوا ... بطرائق الجهال والضلال

جعلوا المرا فتحا وألفاظ الخنا ... شطحا وصالوا صولة الإدلال

وترصدوا أكل الحرام تخادعا ... كتخادع المتلصص المحتال

فهناك طاب المخلصون وأصبحوا ... متسترين بسورة الأنفال

فهم عباد الله أية يمموا ... والذاكرون الله في الآصال

القانتون الخاشعون لربهم ... الناطقون بأصدق الأقوال

التاركون حظوظهم ونفوسهم ... المؤثرون بخالص الأحوال

ما شأنهم في شأنهم دعوى ولا ... عملوا لقصد مراء أو لجدال

عملوا بما علموا وجادوا بالذي ... وجدوا وما بخلوا بفضل نوال

يمشون بين الناس هونا كلما ... صد الجهول بدوه بالإجمال

فإذا بدا ليل سمعت أنينهم ... وحنينهم بتضرع وسؤال

وعيونهم تجري بفيض دموعهم ... مثل انهمال الوابل الهطال

متفاوتين بقربهم لحبيبهم ... كتفاوت العمال في الأعمال

<<  <  ج: ص:  >  >>