أتباع أبي ثور بعد ثلاثمائة سنة، وأتباع الطبري بعد أربعمائة.
أما أتباع داود الظاهري، فقد كثروا وانتشروا ببغداد وبلاد فارس، وقال به قوم قليل بأفريقية والأندلس وضعف الآن.
فهؤلاء الذين وقع إجماع الناس على تقليدهم مع الاختلاف في أعيانهم، واتفق العلماء على اتباعهم، والاقتداء بمذاهبهم، ودرس كتبهم، والتفقه على مآخذهم، والتفريع على أصولهم، وصار الناس اليوم في أقطار الأرض على خمسة مذاهب: مالكية وحنفية وشافعية وحنبلية وظاهرية. ا. هـ. بخ على نقل "الديباج" هذا كلام عياض عن انتشار المذاهب في القرن السادس.
وقد ابن سلطان: أول "شرح المشكاة": إن بلاد ما وراء النهر، وولاية الهند والروم لا يعرفون إماما غير أبي حنيفة، ولا يعلمون مذهبا سوى مذهبه، وأتباعه أكثر من أتباع جميع الأئمة بحيث يكونون ثلثي المؤمنين بالتثنية. ا. هـ. بخ.
أما الظاهرية الآن، فقد انقرضوا، وما بقي إلا المذاهب الأربعة أو الزيدية في اليمن فإفريقية بسودانها ملك لمالك عدا مصر فللشافعي، وبها المالكية وغيرهم قليل، وبالحجاز والشام كذلك، وفيه بعض الحنابلة وخصوصا بالقدس والجزيرة، وكذلك أهل نجد الوهابيون حنابلة وبعض العراق. أما بلاد الترك، فللحنفية مع بلاد العجم والهند، أما بلاد الأفغان فشافعية، وأما مملكة إيران الفارسية فشيعة. قال السيوطي في "فتاويه": إن انحصار المذاهب في الأربعة إنما كان بعد الخمسمائة بسبب موت العلماء، وقصور الهمم، وانقراض العارفين بغيرها نقله في "الأزهار" وقال في "الطبقات السبكية" قال أهل التجربة: إن هذه الأقاليم المصرية والشامية والحجازية متى كان اليد فيها لغير الشافعية خربت، ومتى قدم سلطانها غير شافعي زالت دولته سريعا، وكأن هذا السر فعل الله في هذه البلاد. وكما جعله لمالك في بلاد المغرب، ولأبي حنيفة فيما وراء النهر، ونقل عن الشيخ الإمام والده عن ابن المرجل أنه ما جلس على كرسي مصر غير شافعي إلا وقتل سريعا إلخ. ما ذكره في الورقة عدد ١٣٤ من الجزء الخامس. وما