للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا استوت الأسافر والأعالي ... فقد طابت منادمة المنايا

٥٥٥- أبو عمران موسى بن عيسى بن أبي حاج الغفجومي ١:

الفاسي بيتهم بفاس مشهور يعرفون ببني حاج، استوطن القيروان، وحصلت له رياسة ورحل إلى المشرق، وكانت له رواية واسعة.

قال في "المدارك" جمع من عوالي حديثه مائة ورقة، وقال عنه ابن عمار: إنه مقطوع بفضله وإمامته، أخذ عن الباقلاني وسمع من المستملي وأبي ذر وتفقه في قرطبة على الأصيلي وطبقته، وفي القيروان على القابسي، وكان من أحفظ الناس للحديث والمذهب المالكي، مجودا للقرآن بالسبع عارفا بالرجال، رحلوا إليه من الأندلس وأفريقية له تواليف في الحديث والفقه، وتعليق على المدونة لم يكمل، وكان ما بينه وبين أبي بكر بن عبد الرحمن نفرة، فطمع صاحب أفريقية أن يتوصل بذلك لتقليل نفوذهما على العامة بشهادة أحدهما على الآخر، فتقوم الحجة عليهما معا؛ إذ كانت العامة طوعهما، فلما اختبرها وجد دينهما أمتن مما يظن، وخاب ظنه. قاله في "المدارك".

ومن محاسن أجوبته في مسألة: هل الكفار يعرفون الله أم لا؟ التي وقع فيها نزاع عظيم بين العلماء، وتجاوزهم إلى العامة، وكثر التماري فيها حتى خرج عن حد الاعتدال إلى القتال، فقال قائل: لو ذهبنا إلى أبي عمران، لشفانا فجاءه أهل السوق بجماعتهم، وقالوا: نحب جوابا بينا على قدر أفهامنا، فأطرق ساعة، وقال: لا يكلمني إلا واحد، ويسمع الباقون، ثم التفت إلى واحد منهم، فقال: أرأيت لو لقيت رجلا، فقلت له: تعرف أبا عمران الفاسي؟ فقال: أعرفه، فقلت: صفه لي، فقال: هو رجل يبيع البقل والحنطة والزيت في سوق ابن هشام، ويسكن صبرة أكان يعرفني؟ قال: لا، قال: فلو لقيت آخر، فقلت:


١ أبو عمران موسى بن عيسى بن أبي حاج الغفجومي الفاسي: أبو عمران: الغفجومي، حاشية الأنساب "١٠/ ٦٨"، الديباج المذهب ص"٣٤٤".

<<  <  ج: ص:  >  >>