المقري أن اللخمي لم يحرره في حياته، فكان الشيوخ لا يستجيزون النقل منه كما يأتي في آخر الكتاب غير أنني رأيت في "جذوة الاقتباس" أن ابن النحوي لما أخذ عنه، طلب منه تبصرته، فقال له: تريد أن تحمل علمي على كفك إلى المغرب، فهذا يدل على تحريره لها، وأخذهم لها عنهم في حياته، وله اختيارات خالف فيها من تقدمه.
قال في "المدارك": وربما اتبع نظره، فخالف المذهب فيما ترجح عنده، فخرجت اختياراته في الكثير عن قواعد المذهب. ا. هـ. وقد ضرب به المثل كما قيل:
لقد هتكت قلبي سهام جفونها ... كما هتك اللخمي مذهب مالك
واللخمي أحد الأئمة الأربعة المعتمدة ترجيحاتهم في مختصر خليل حتى في اختياره من عنده رغما عما قاله عياض. توفي بصفاقص سنة ٤٧٨ ثمان وسبعين وأربعمائة هكذا في الحطاب أول شرح المختصر، وفي "معالم الإيمان" وأما ما في "الديباج" من أنه توفي سنة ثمان وتسعين فلعله تصحيف.
٥٧٧- أبو محمد عبد الحميد بن محمد المقري المعروف بابن الصائغ ١:
قيرواني، سكن سوسة أدرك صغيرا أبا بكر بن عبد الرحمن، وتفقه بالعطار وابن محرز والسيوري والتونسي وغيرهم، كان فقيها نبيلا فهما فاضلا أصوليا زاهدا نظارا، جيد الفقه، قوي العارضة، محققا له تعليق على المدونة أكمل به الكتب التي بقيت على التونسي، وبه تفقه المازري وغيره وأصحابه يفضلونه على اللخمي قرينه تفضيلا كثيرا. وأفتى في المهدية زمن قضاء ابن سعلان شرط ذلك عند توليه القضاء، فانتفع الناس به، وجرت عليه محنة حيث سجن تميم بن المعز ولده حتى أعطي مالا لفدائه باع فيه كتبه، فلذلك انقبض عن الفتيا، ورجع إلى سوسة ملازما بيته ستة أعوام لا ينتفع به أحد إلى أن احتل
١ أبو محمد عبد الحميد بن محمد المقري: المعروف بابن الصائع، الديباج المذهب ص"١٥٩".