للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العدو المهدية، وأهين تميم، عند ذلك عاد عبد الحميد إلى الظهور، قاله في "المدارك" وإني لأعجب من انبساطه لا من انقباضه، ولقد فسدت أحوال وأخلاق ذلك الزمان، ولذلك كانت دولة أفريقيا في اضمحلال حيث صارت أفكار أكابر علمائها وأعمال أمرائها إلى ما سمعت. توفي المترجم سنة ست وثمانين وأربعمائة ٤٨٦.

٥٧٨- أبو الوليد سليمان بن خلف الباجي ١:

-باجة الأندلس- التجيبي القاضي رحل إلى المشرق، فحج أربع حجج، ومكث فيه نحو ثلاثة عشر عاما في بغداد والموصل والشام والحجاز وغيرها، ودرس في كثير من عواصمها، وأخذ عن أبي ذر والخطيب البغدادي وغيرهما، ورجع للأندلس بعلم كثير، ألف تآليف طارت بها الركبان، وحصل بها على الشهرة واتساع الحال بعد ضيقه، فقد كان يؤاجر نفسه ببغداد على حراسة درب هناك، ولما رجع للأندلس كان يضرب ورق الذهب، ويعقد الوثائق، وكان يخرج للإقراء وبيده المطرقة التي يخدم بها، ثم ولي القضاء في مدن هي دون قدره.

قال فيه ابن العربي في "القواصم": إن الله تدارك الأمة به وبالأصيلي حيث رحلوا وأفادوا وجاءوا بلباب العلم، فرشوا على القلوب الميتة، وعطروا الأنفاس الذفرة، وله تآليف منها، الاستيفاء على الموطأ لا يدرك ما فيه إلا من بلغ درجته، لم يكمل، وكتاب المنتقى عليها أيضا مطبوع، وله اختصاره واختصره أيضا في كتاب الإيماء قدر ربعه، واختصر المدونة وشرحها بشرح لم يتم، وله


١ أبو الوليد سليمان بن خلف الباجي التجيبي القاضي: أبو الوليد، الباجي، التجيبي القرطبي، ولد سنة ٤٠٣، وقتل سنة ٤٧٠:
نسيم الرياض "١/ ٢٣٣"، طبقات الحفاظ ص"٤٤٠"، المعين ص"١٥٠٣"، الأنساب "٢/ ١٤"، فوات الوفيات "٢/ ٦٤"، والوافي بالوفيات "١٥/ ٣٧٢"، الصلة "١/ ١٨٧"، وفيات الأعيان "٢/ ١٤٢"، العبر "٣/ ٢٨٠"، البداية والنهاية "١٢/ ١٢٢"، سير النبلاء "١٨/ ٥٣٥".

<<  <  ج: ص:  >  >>