للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ} ١ نسختها الآية بعدها, وهي قوله تعالى: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى} ٢ الآية. ويمكن النزاع في نسخ هذه الآية أيضًا؛ لأنها ليست بصريحة في وجوب التهجد على من معه حتى يكون نسخًا.

الرابعة عشرة: قوله تعالى: {الزَّانِي لا يَنْكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ} ٣ نسخها عموم: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ} ٤ الأية.

وفي ذلك نزاع أيضًا إذ يحتمل أن تكون آية الزاني {لا يَنْكِحُ إلَّا زَانِيَةً} معناها: أن شأنه ذلك تنفيرًا, لا أنه حكم ونهي, فلا نسخ.

الخامسة عشرة: قوله تعالى: {لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْد} ٥ الآية.

نسختها آية: {إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ} ٦ الآية, وفيها نزاع أيضًا, فهذه الآيات قد تحقَّق النسخ في الجل منها إما بمعنى الإزالة أو التبديل، على أن البعض منها قد يمكن النزاع فيه والتخلص من النسخ كما سبق ولكنه قليل، وجميع ما ذكروا فيه النسخ مما سواه كله, إما من باب التخصيص, وهو إزالة الحكم عن بعض الأفراد دون بعض، أو من باب التقييد أو نحو ذلك، وكان الأقدمون كابن حزم يتسمحون فيسمونه نسخًا، كقوله: {وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ} إلى قوله: {إِلَّا مَنْ تَاب} ٧ فإنهم يقولون: إنها ناسخة قوله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} ٨ الآية.

والحق أن لا نسخ، وأنما هو تخصيص؛ لأن الحكم لا زال باقيًا لبعض الأفراد، ومن هذا المعنى ما قاله ابن العربي من أن آية {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِين} نسخت مائة وأربعًا وعشرين آية فيها الصفح عن الكفار والتولي والإعراض والكف عنهم، قال: ومن العجب ان آية القتال نسخ آخرها وأولها, فإن ما ذكره في النسخ في آيات الصفح والكف غير متعيّن كما يعلم بالوقوف عليها في محلها.

وعلى كل حال, فإن المفسرين مهما رأوا منافاة ظاهرة آية لأخرى إلّا ويدعون


١، ٢ المزمل: ٢٠.
٣ النور: ٣.
٤ النور: ٣٢.
٥ الأحزاب: ٥٢.
٦ الأحزاب: ٥٠.
٧ الفرقان: ٦٨، ٦٩.
٨ النساء: ٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>