للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمغاربة، وأقبلوا عليه لسهولة لفظه ورقة أسلوبه، وله غيره من التآليف، توفي سنة ٨٢٩ تسع وعشرين وثمانمائة.

٦٦٩- عبد العزيز بن موسى بن معطي العبدوسي ١:

الفاسي: ثم التونسي الإمام الحافظ المتقن الجامع المتفنن الذي اعترف حفاظ وقته بأنه أحفظ أهل الأرض، وأوسع العلماء علما في الطول والعرض، حامل لواء المذهب في وقته شيخ الإسلام، وابن شيوخ الإسلام بيت اشتهر بفاس فضله، وسلم له الأئمة الأعلام، قد أعجب به علماء تونس وأمراؤها لما ورد عليهم، وعطلت دروس جامع القصر وقت تدريسه، وصار جميع العلماء يحضرون إلقاءه، ويستفيدون منه مدة نحو عشرين سنة. وكان كتب لهم ابن مرزوق الحافظ يقول لهم: يرد عليكم حافظ المغرب، فكان كما قال، بل عجبوا منه، ولا سمعوا بمثله لا في تونس، ولا في بجاية ولا غيرهما، فكان البرزلي مبرزا على أقرانه في حفظ الفقه بتونس، وكان المشذالي في بجاية، وما كان أحد منهما يشبهه فضلا عن أن يدانيه، قال أبو عبد الله الزلديوي المفتي بتونس: تركت درسي، وحضرت درسه، فرأيت شيئا لا يدرك إلا بعناية ربانية، موقوف على من رزقه الله الحفظ، ينفق منه كيف يشاء، قال: لازمناه حضرا وسفرا، وعلمنا طريقه تفكرا ونظرا، فلا يقدر على طريقه إلا من حاز فطنة كاملة الاستواء ممدة من جميع القوى، فمن طريقه إذا قرأ المدونة فاستمع لما يوحى: يبتدئ على المسألة من كبار أصحاب مالك، ثم ينزل طبقة حتى يصل إلى علماء الأقطار من المصريين والأفريقيين والمغاربة والأندلسيين وأئمة الإسلام وأهل الوثائق والأحكام حتى يمل السامع، وينقطع عن تحصيله المطالع، وكذا انتقل إلى الثانية وما بعدها، هذا بعض طريقه في المدونة، وأما إذا ارتقى إلى كرسيه في التفسير، فترى أمرا معجزا ينتفع به من قدر له النفع من الخاصة والعامة يبتدئ بأذكار وأدعية مرتبة لذلك يكررها كل صباح يحفظها الناس، ويأتونها من كل فج عميق


١ عبد العزيز بن موسى بن معطي العبدوسي الفاسي التونسي: نيل الابتهاج "١٧٩".

<<  <  ج: ص:  >  >>