فيه اليقظة؛ إذ علماء أمتنا أغرق في النوم من عامتنا، نعم علينا الثبات في مبدئنا من غير ملل، وبينما هو يذاكرني، وينثر درر العلوم ودقائق الفهوم إذ هو يتهم فكره بالخرف والهرم، فقلت له: كلا إن فكرك أصح وأدق من فكر كثير من الشبان، ولا زال فكرك في ثوب الشباب القشيب، لم يتقمص معك في شكل الشيخوخة والمشيب لما عليه الشيخ من النزاهة والتقوى، ونشأته البدوية الصحيحة التربية. وقد كان إذ ذاك في عقد التسعين، وعندي إجازة أجاز فيها الشيخ محمد بن عثمان السنوسي مؤرخه ١٢٩٠ سنة تسعين ومائتين وألف، حفظه الله وبارك في أنفاسه العاطرة١.
٨٢٦- أبو العباس أحمد بن محمد بن الخياط الزكاري الحسني الفاسي الدار:
بل هو مقلتها التي بها تبصر، ولسانها البليغ يسهب أو يختصر، إمام أهل الورع والتقوى، والمشار إليه في المغرب بإتقان العلوم والفتوى والعضو في الشورى، ومبرز ذوي المكانة الدينية العليا، أستاذ الفقهاء والمحدثين، وحامل لواء المفسرين والمحققين والصوفية والمدرسين والمؤلفين، شيخنا وقدوتنا فضاض المشكلات، وبدر المدلهمات، فارس الفقه المجلي، وجامع جوامع أصوله وإمامه المحلي، كشاف التفسير بالسنة، وإضاءة التوحيد في الدجنة، زيد الفرائض، ورافع الحجاب عن علم الحساب، وفائق التوثيق وجنيد المتصوفين من غير ارتياب، ذو التواليف النافعة، والتلاميذ المالئة للأقطار الشاسعة، محظوظ في العلم بالسهمين درسا وتأليفا على تعجب كان يحصل له في الإلقاء، وطالما حضر شورى النوازل القضائية، فنال من العلوم ثناء منيفا، ولقد فشت فتاويه في ديار
١ لقد ورد نعي الشيخ سالم أخيرا بعدما ترقى لرتبة باش مفتي المالكية وهي أعلى رتبة ينالها عالم مالكي بتونس يعني رئيس المجلس الشرعي المالكي، فانتقل من الرتبة الراقية إلى رحمة الله الباقية يوم الأربعاء ٣ ذو الحجة عام ١٣٤٢ اثنين وأربعين وثلاثمائة وألف عن ست وتسعين سنة رحمه الله كما أن ولده سيدي خليل ترقى لأعلى منصب إسلامي هناك وهو الصدارة العظمى وحق له ذلك، فإنه من الرجال الذين يعول عليهم تلك البلاد حقق الله الرجاء فيه وفي بلاده، وأبقاه لها عدة، وفسح له المدة. ا. هـ. "مؤلف".