للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي: أعموا فلم يروا؟ (١).

ونظير هذه العبارة قول القائل: "وعليكم السلام"، جوابًا لمن قال: "السلام عليكم"؛ فالواو في الجواب لعطف كلام المتكلم المجيب على كلام المخاطب، مثلها في العبارة السابقة.

(١) كل من جملتي "نَضْرِبُ"، و"لَمْ يَرَوْا" معطوف بالفاء على جملة محذوفة بينهما وبين الهمزة؛ لأن المعطوف عليه بالفاء خاص بالجمل، والهمزة في الموضعين في موضعها الأصلي، وهذا رأي الزمخشري ومن تبعه، واختاره المصنف. ويرى سيبويه والجمهور: أن الهمزة قدمت من تأخير؛ تنبيهًا على أصالتها في التصدير ومحلها الأصلي بعد الفاء؛ والأصل: فانضرب، فألم يروا. ومثال الحذف مع بقاء "أم" المتصلة قوله تعالى: ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ﴾؛ فإن التقدير: أعلمتم أن الجنة حفت بالمكاره؟ أم حسبتم أن تدخلوا الجنة … إلخ. وقد أشار الناظم إلى ما تقدم بصدر بيت سبق عجزه في موضوع آخر. صفحة ٢١٩؛ وهو:

وحذف متبوع بدا هنا استبح .... . . . . . . . . . . *

أي: استبح حذف معطوف عليه ظهر وذكر في هذا الموضع؛ وهو: العطف بالواو، والفاء، وأم.

تتمة:

أ- لا يجوز تقديم المعطوف على المعطوف إليه، وما ورد من ذلك فهو شاذ يقتصر فيه على المسموع. ومنه قول الأحوص:

ألا يا نخلة من ذات عرق … عليك ورحمة الله السلام

ب- يجوز الفصل بين الواو ومعطوفها بظرف أو جار ومجرور، ومنه قوله تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا﴾، ولا يجوز بين الفاء ومعطوفها إلا في الضرورة الشعرية.

ج- الأصل في عطف النسق المغايرة بين المتعاطفين؛ فلا يصح عطف الشيء على نفسه، وأجاز بعضهم ذلك إذا اختلف اللفظان لغرض بلاغي، أو لقصد التفسير والتوضيح،


* "وحذف متبوع" حذف مفعول استبح مقدم، ومتبوع مضاف إليه. "بدا هنا" بمعنى ظهر، فعل ماض، والجملة صفة لمتبوع، و"هنا" ظرف مكان متعلق باستبح أو ببدا.

<<  <  ج: ص:  >  >>