واختار الخليل وسيبويه الضم، وأبو عمرو (١) وعيسى (٢) النصب. ووافق الناظم والأعلم، سيبويه في العلم (٣)، وأبا عمرو وعيسى في اسم الجنس (٤).
مقصودة، وقيل: يجوز نصب لأنه شبيه بالمضاف؛ إذ هو نكرة موصوفة، كما يجوز أن يكون "عبدا" حالا من فالع فعل محذوف؛ كأنه قال: أتفخر عبدا؟ أي: وأنت عبد؟ ولا يليق الفخر بالعبيد.
(١) اسمه كنيته، وقيل: اسمه زبان بن العلاء بن عمار التميمي المازني البصري، أخذ العربية عن ابن أبي إسحاق، أول من مد القياس وشرح العلل، وكان أبو عمرو أوسع منه علما بكلام العرب ولغاتها وغريبها، كما كان من جلة القراء. وأحد أئمة القراءات السبع الموثوق بهم، وكان أبو عمرو يسلم للعرب ولا يطعن عليها، وفيه يقول الفرزدق:
ما زلت أفتح أبواباً وأغلقها … حتى أتيت أبا عمرو بن عمار
سمع أبو عمرو رجلا ينشد بيت المرقش الأصغر:
ومن يلق خيراً يحمد الناس أمره … ومن يغو لا يعدم على الغي لائما
فقال له: قل ومن يغو بكسر الواو؛ ألا ترى إلى قول الله ﷿ ﴿فَغَوَى﴾، وتوفي أبو عمرو في طريق الشام سنة ١٥٤ هـ.
(٢) هو أبو عمرو، عيسى بن عمر الثقفي، مولى خالد بن الوليد المخزومي، كان إماماً في النحو والعربية. أخذ عن ابن إسحاق وأبي عمرو بن العلاء، وروى عن الحسن البصري، وعنه أخذ الأصمعي والخليل وغيرهما، وكان عيسى يطعن على العرب، ويخطئ المشاهير منهم؛ كالنابغة في بعض أشعاره، كما كان صاحب تقعير في كلامه واستعمال للغريب فيه، وله مصنفات كثيرة؛ يقال إنها تربى على السبعين؛ ومنها: الإكمال، والجامع، في النحو، وفيها يقول الخليل:
بطل النحو جميعاً كله … غير ما أحدث عيسى بن عمر
ذاك "إكمال" وهذا جامع … فهما للناس شمس وقمر
قال السيرافي: لم يقع هذان الكتابان إلينا، ولا رأينا أحدا ذكر أنه رآهما، ومات عيسى بن عمر سنة ١٤٩ هـ، قبل ابي عمرو بن العلاء بسنوات.
(٣) أي: الضم فيه كـ"مطر" في البيت السابق، وذلك لشدة شبهه بالضمير.
(٤) أي في نصبه كـ"عبدا" في البيت الثاني، وذلك لضعف شبهه بالضمير.