للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

احذر تلاقي نفسك والأسد (١)، ثم حذف الفعل وفاعله، ثم المضاف الاول، وأنيب عنه الثاني فانتصب (٢)، ثم الثاني، وأنيب عنه الثالث فانتصب وانفصل (٣). وتقول: إياك من الأسد (٤)، والأصل: باعد نفسك من الأسد، ثم حذف "باعد" وفاعله والمضاف (٥). وقيل: التقدير: أحذرك من الاسد؛ فنحو: إياك الأسد، ممتنع على التقدير الأول، وهو قول الجمهور (٦). وجائز على الثاني، وهو رأي ابن الناظم (٧).

ولا خلاف في جواز: إياك أن تفعل (٨)؛ لصلاحيته لتقدير "من". ولا تكون "إيًّا" في

(١) بجر "نفس" و"الأسد".

(٢) فصار: نفسك والأسد، بنصبهما.

(٣) أي بعد أن كان مجرورا متصلا؛ وذلك لتعذر اتصاله؛ فصار: "إياك" ويقال في إعرابه: "إياك" في محل نصب مفعول به بفعل محذوف وجوبا تقديره: احذر ونحوه، والكاف حرف خطاب، و"الأسد" معطوف على إياك، والأحسن أن يكون منصوبًا بفعل آخر مضمر وجوبًا يناسب الكلام كما أسلفنا، ويكون من عطف الجمل.

(٤) أي: بجر المحذر منه "بمن"، بدلا من العطف بالواو.

(٥) أي: وهو "نفس"، فانفصل الضمير وانتصب، "فإياك" منصوب بباعد المحذوف، و"من الأسد" متعلق به.

(٦) لأن "باعد" لا يتعدى بنفسه إلى مفعولين، ولا يجوز نصب "الأسد" بنزع الخافض؛ وهو "من"؛ لأن ذلك سماعي في غير أن، وإن، وكي، كما تقدم في موضعه. انظر صفحة ٩٨، جزء ثان.

(٧) لأن "احذر" يتعدى إلى مفعولين بنفسه؛ قال تعالى: ﴿وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ﴾ وينبني على التقديرين: أن الكلام على تقدير الجمهور إنشائي، وعلى تقدير ابن الناظم خبري، والحق -كما رأى بعض المحققين- أنه لا يتعين تقدير "باعد"، ولا "أحذر" ولا غيرهما، بل الواجب تقدير ما يؤدي الغرض ويناسب الحال؛ مثل: دع، اتق، نح … إلخ؛ لأن المقدر ليس أمرًا متعبدا به لا يعدل عنه. وينبغي الأخذ بهذا الرأي عند تقدير المحذوف في كل ما يحتاج إلى تقدير.

(٨) أي مما فيه المحذر منه "أن" المصدرية وصلتها؛ لأن حذف الجار قبل "أن" جائز في سعة الكلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>