فإنه قدره صفة لوليا (١)، لا جوابًا لهب؛ كما قدره من جزم.
وشرط غير الكسائي لصحة الجزم بعد النهي (٢) صحة وقوع "إن لا" في موضعه (٣)؛ فمن ثم جاز:"لا تدن من الأسد تسلم" بالجزم، ووجب الرفع في نحو: لا تدن من الأسد يأكلك (٤)، وأما قوله:"فلا يقرب مسجدنا يؤذنا" فالجزم على الإبدال (٥)، لا الجواب.
(١) أي: إن جملة "يرثني" في محل نصب صفة لوليا؛ لأنه نكرة، والمراد: بالإرث إرث النبوة والعلم، لا المال؛ لأن الأنبياء لا تورث. ومثله:
﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ﴾ فتطهرهم في موضع نصب صفة لصدقة؛ أي: صدقة مطهرة لهم، ويصح أن يجزم في جواب الأمر أو يرفع مع الاستئناف. وإذا كان ما قبل الفعل معرفة أعربت الجملة حالا؛ نحو: ﴿وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ﴾، ﴿ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ﴾.
وإن كان نكرة تصلح لمجئ الحال منها، احتمل الوصفية والحالية؛ نحو: أكرم رجلا من الغرباء يدين بالإسلام.
(٢) أي: فيما إذا سقطت الفاء وقصد الجزاء.
(٣) أي: صحة وضع "إن" الشرطية وبعدها "لا" النافية موضع "لا" الناهية المحذوفة، مع استقامة المعنى.
(٤) ذلك لعدم صحة حلول "إن لا" موضع "لا" الناهية المحذوفة؛ لأن الأكل لا يتسبب عن الانتهاء عن الدنو، وإنما على الدنو نفسه، ولهذا وجب الرفع في قوله تعالى: ﴿وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ﴾ [سورة المدثر: ٦].
(٥) أي: جزم "يؤذنا" على أنه بدل اشتمال من يقرب، لا على أنه جواب النهي؛ لأنه لا يصح: أن لا يقرب يؤذنا؛ لأن الإيذاء إنما يتسبب عن القرب لا عن عدمه. وهذا جزء من حديث "من أكل من هذه الشجرة -يعنى الثوم- فلا يقرب مسجدنا يؤذنا"، وفي جواز جزم المضارع عند سقوط الفاء بعد غير النفي -أي: الطلب- يقول الناظم:
وبعد غير النفي جزمًا اعتمد … إن تسقط الفا والجزاء قد قصد