للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجزم بعدهما إذا سقطت الفاء (١) كقوله:

مكانك تحمدي أو تستريحي (٢)

= بمعنى يكفي مبني على الضم "حديث" فاعل.

ومن الجملة الخبرية الدالة على الأمر: قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ، تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ، يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ﴾. يجزم المضارعين: يغفر، ويدخل في جواب الجملة الخبرية المقصود بها الأمر وهي: ﴿تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ﴾؛ لأن المعنى: آمنوا وجاهدوا. وليس الجزم راجعًا لوقوعها جوابًا للاستفهام؛ وهو: ﴿هَلْ أَدُلُّكُمْ﴾ لفساد المعنى على ذلك. سورة الصف.

(١) ذلك لأن امتناع النصب بعدهما عند الجمهور -سببه جمودها- فلا يمكن إضمار "أن"، وتأويل مصدر يعطف على ما قبلهما. أم الجزم فلا يستلزم سبك مصدر.

(٢) عجز بيت من الوافر، لعمرو بن الإطنابة الخررجي؛ والإطنابة: اسم أمه، واسم أبيه: زيد بن مناة، وصدره.

وقولي كلما جشأت وجاشت

اللغة والإعراب: جشأت: ثارت ونهضت من فزع أو حزن ونحوهما، والضمير للنفس جاشت: فزعت وغلت من حملها الأثقال كما تغلي القدر. تحمدي: يحمدك الناس: "وقولي": والواو عاطفة، وقولي مبتدأ معطوف على همتي قوله قبل:

أبت لي همتي وأبى بلائي … وأخذي الحمد بالثمن الربيح

وإقحامي على المكروه نفسي … وضربي هامة البطل المشيح

"كلما" ظرف زمان متعلق بقولي منصوب، و"ما" حرف مصدري، "جشأت" الجملة صلة "ما". "مكانك" اسم فعل أمر بمعنى اثبتي والفاعل أنت، والكاف حرف خطاب، أو اسم مضاف إليه باعتبار ما قبل النقل، والجملة مقول القول خبر المبتدأ، "تحمدي" فعل مضارع مجزوم في جواب الطلب "أو تستريحي" معطوف على تحمدي.

المعنى: أن همتي وشجاعتي جعلتني أقول لنفسي: كلما، فزعت وضجرت من مشقات الحرب اثبتي تحمدي بالصبر والشجاعة والاحتمال، أو تستريحي من عناء الدنيا بالقبل في موطن الشرف والفخار.

الشاهد: في "تحمدي"؛ حيث جزم بحذف النون لوقوعه في جواب اسم الفعل الأمر؛ لدلالته على الطلب.

<<  <  ج: ص:  >  >>