للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فضرورة، والذي سهل ذلك قوله: "كاعبان ومعصر" فاتصل باللفظ ما يعضد المعنى المراد (١)، ومع ذلك فليس بقياس، خلافًا للناظم.

وإذا كان المعدود صفة -فالمعتبر حال الموصوف المنوي لا حالها، قال الله -تعالى: ﴿فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا﴾ أي: عشر حسنات أمثالها، ولولا ذلك لقيل: "عشرة"؛ لأن المثل مذكر (٢)، وتقول: "عندي ثلاثة ربعات" (٣) بالتاء إن قدرت رجالًا، وبتركها إن قدرت نساء، ولهذا يقولون: ثلاثة دواب بالتاء، إذا قصدوا ذكورًا؛ لأن الدابة صفة في الأصل فكأنهم قالوا: ثلاثة أحمرة دواب، وسمع ثلاث دواب ذكور، بترك التاء.

معصر: الجارية أول ما تدرك وتدخل عصر الشباب "مجني" خبر كان مقدم "دون" منصوب على الظرفية به لما فيه من معنى الواقي "من" اسم موصول مضاف إليه، "كنت أتقى" الجملة صلة الموصول؛ والعائد محذوف؛ أي: أتقيه "ثلاث شخوص" ثلاث اسم كان مؤخر وشخوص مضاف إليه "كاعبان" بدل من ثلاث "ومعصر" معطوف عليه.

والمعنى: كان سِتري وحصني دون من كنت أتقيه وأخافه من الرقباء، هؤلاء الثلاثة اللواتي مشيت بينهن متنكرا وساعدنني على ذلك. وقبل هذا البيت:

فقالت لها الصغرى سأعطيه مطرفي … ودرعي، وهذا البرد إن كان يحذر

يقوم فيمشي بيننا متنكرا … فلا سرنا يفشو ولا هو يظهر

والشاهد: في ثلاث شخوص؛ فقد حذف التاء من ثلاثة، وشخوص جمع وكان ينبغي ملاحظة مفرده المذكر -وهو شخص- فيقول: ثلاثة شخوص، ولكنه راعى المعنى الذي قصده، وقواه ذكر الكاعبين والمعصر، وهذا ضرورة عند جمهور النحاة.

(١) أي: وهو التأنيث، فقد كنى بذلك عن النساء.

(٢) ذلك لأنه واحد الأمثال، وتقدم أنه يعتبر في الجمع حال مفرده.

(٣) بفتح الباء، جمع ربعة، وهو المربوع الخلق الذي ليس بالطويل ولا بالقصير يوصف به المذكر والمؤنث فيقال: رجل ربعة وامرأة ربعة، وهو في الأصل اسم ثم استعمل صفة.

قال صاحب الصحاح: وهذا الجمع شاذ؛ لأن "فَعْله" إذا كانت صفة لا تحرك في الجمع، وإنما تحرك إذا كانت اسمًا، ولم يكن موضع العين واو، ولا ياء.

<<  <  ج: ص:  >  >>