منها: كونه مصدر "فَعِلَ" اللازم، نحو: جَوِي جَوًى، وهَوِي هَوًى، وعَمِي عَمًى؛ فإن نظيرها من الصحيح: فَرِحَ فرحًا، وأَشِرَ أشرًا (٢).
قال ابن عصفور وغيره، وشذ الغراء بالمد مصدر غَرِيَ (٣).
وأنشدوا:
إذا قلت مهلا عارت العين بالبكا … غراء ومدتها مدامع نهل (٤)
وفيما قالوه نظر؛ لأن أبا عبيدة حكي: غاريت بين الشيئين غراء؛ أي: واليت؛ ثم
(١) أي: قياس يخضع للقواعد النحوية، وهذا هو الذي ذكر تعريفه.
(٢) وهذا المصدر واجب فتح ما قبل آخره؛ لأن "فعِل" اللازم قياس مصدره في الغالب "فَعَل" فكل من جوِي وهوِي مقصور؛ لأن لهما نظير من الصحيح وقد اتفق الفعلان والمصدران في وزنهما.
(٣) أي: على غير قياس، من عري بالشيء أولع به، أو تمادى فيه في غضبه.
(٤) بيت من الطويل لكثير عزة، الشاعر الأموي المشهور.
اللغة والإعراب: مهلا: مصدر بمعنى التمهل والترفق، غارت: والت وأرسلت الدمع متتابعًا، مدتها: أعانتها وكانت لها مددًا. نهل: كثيرة متتابعة، "مهلا" مفعول مطلق لفعل محذوف، "بالبكا" مفعول غارت على زيادة الباء "غراء" منصوب على المصدرية بفعل محذوف معطوف على الفعل المذكور على رأي ابن عصفور، وفيه تعسف ظاهر، والأسلم أن يكون منصوبًا على الحال بمعنى غرية؛ على رأي أبو عبيدة "مدامع" فاعل مدت، "نهل" صفة لمدامع.
المعنى: إذا أردت التمهل الترفق في الحزن والت العين دموعها وأرسلته تباعًا ومدتها المدامع الكثيرة المتتابعة.
الشاهد: في "غراء" فإن ابن عصفور أنشده بفتح العين والمد، وقال: إنه مصدر غرى بالشيء فهو به غر، ومده شاذ والقياس القصر، وقد ذكر المصنف عن أبي عبيدة: أن الرواية بكسر الغين والمد، وفعله "غارى" مثل: قاتل قتالا، وعلى ذلك فمده قياسي.