الْمَرْفُوعِ، وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ﴾ وليست موصولًا حرفيا خلافًا للمازني (١) ومن وافقه، ولا حرف تعريف، خلافًا لأبي الحسن (٢).
(١) ويرده: أنها لا تؤول بمصدر، وإن الضمير يعود عليها؛ في نحو قولهم: قد أفلح المتقي ربه، والضمير لا يعود إلا على الأسماء. والمازني هو: أبو عثمان؛ بكر بن محمد بن بقية المازني؛ من بني مازن بن شيبان. كان إماما في العربية، ثقة، واسع الرواية، لا يناظره أحد إلا قطعه؛ لقدرته على الكلام. وهو بصري، روى عن أبي عبيدة، والأصمعي وأبي زيد. وروى عنه المبرد، وكان يقول فيه:"لم يكن بعد سيبويه أعلم بالنحو من أبي عثمان". وحكي عنه: أن يهوديا بذل مائة دينار؛ ليقرئه كتاب سيبويه، فامتنع، فقيل له: لم امتنعت مع حاجتك؟ فقال: إن في كتاب سيبويه كذا وكذا آية من القرآن؛ فكرهت أن أقرأ القرآن للذمة، فلم يمض على ذلك وقت حتى طلبه الواثق بالله؛ الخليفة العباسي، وأخلف الله عليه أضعاف ما تركه لله، وذلك أن جارية غنت بحضرته:
أظلوم إن مصابكم رجلًا … أهدى السلام تحية ظلم
فرد بعض الحاضرين عليها نصبها لرجل؛ ظانا أنه خبر إن، فلم تقبل وقالت: هكذا قرأت على أعلم الناس بالبصرة؛ أبي عثمان المازني، فحضر إلى الخليفة، فناقشه، ثم سأله عن البيت؛ فقال: صوابه: رجلًا؛ لأن مصابكم مصدر؛ بمعنى إصابتكم، فاستحسن الواثق قوله، وأجازه بثلاثين ألف درهم. وله من التصانيف:"تفسير كتاب سيبويه"، و"علل النحو والتصريف". ومات سنة ٢٤٩ هـ، بالبصرة.
(٢) وحجته: أن العامل يتخطاها؛ نحو: جاء الكاتب؛ كما يتخطاها مع الجامد؛ نحو: جاء الرجل؛ وهي مع الجامد معرفة اتفاقا؛ فتكون كذلك مع المشتق؛ ورد بأن سبب ذلك: أنها على صورة الحرف. وأبو الحسن: هو سعيد بن مسعدة؛ المعروف بالأخفش البصري؛ وهو الأخفش الأوسط، أحد أئمة النحاة البصريين، قرأ النحو على سيبويه، وإن كان أكبر منه، وصحب الخليل، ولم يأخذ عنه، وقرأ على الكسائي كتاب سيبويه، وعلم ولد الكسائي، بعد أن رحل سيبويه إلى الأهواز؛ عقب المناظرة التي جرت بينه وبين الكسائي؛ بحضرة يحيى البرمكي، وكان ثعلب يقول فيه:"هو أوسع الناس علمًا". وقال المبرد:"أحفظ من أخذ عن سيبويه: الأخفش، ثم الناشئ، ثم قطرب". وكان الأخفش أعلم الناس بالكلام، =