والجملة: إما نفس المبتدأ في المعنى؛ فلا تحتاج إلى رابط؛ نحو: ﴿هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ إذا قدر "هو" ضمير شأن (٢)
= أي: أبرز الضمير الرابط مطلقا -سواء أمن اللبس أم لم يؤمن- إذا وقع الخبر بعد مبتدأ، لا يكون معنى هذا الخبر محصلا- أي: حاويا- لمعناه؛ وذلك إذا كان الخبر جاريا على غير ما هو له. ويستوي في توقع الإلباس عند عدم القرينة: الوصف، والفعل ماضيا أو مضارعا؛ نحو: محمد علي أكرمه، أو يكرمه. ففي كل من الفعلين ضمير مستتر، وآخر بارز، يصح عودهما إلى الاسمين. ومن القرائن هنا: حروف المضارعة، وضمائر الرفع البارزة.
(١) جزء بيت من البسيط، لم يذكر قائله. وتمامه:
وقد علمت … بكنه ذلك عدنان وقحطان
اللغة والإعراب:
ذرا: جمع ذروة، وهي من كل شيء أعلاه. المجد: الكرم والشرف. كنه: حقيقة وغاية. عدنان وقحطان: أبوا قبيلتين من قبائل العرب. "قومي" مبتدأ أول "ذرا المجد" مبتدأ ثان ومضاف إليه. "بانوها" خبر المبتدأ الثاني، والجملة خبر الأول، و"ها" عائدة على ذرا، وعائد المبتدأ الأول محذوف؛ أي: هم.
المعنى: إن قومي هم الذين أسسوا أعالي المجد والشرف، وقد علمت بحقيقة ذلك قبيلتا عدنان وقحطان. يريد العرب جميعا.
الشاهد: في "بانوها" فقد جرى على "ذرا" لأنه خبر عنه، وهو في المعنى راجع لقومي؛ لأنهم البانون، ولم يبرز الضمير لأمن اللبس؛ لأن الذرا مبنية لا بانية، ولو برز لقال على اللغة الفصحى: بانيها هم؛ لأن الوصف كالفعل يفرد إذا أسند للجمع. وعلى غير الفصحى: بانوها هم. ويرى البصريون أن مثل هذا شاذ.
(٢) فيكون "هو" مبتدأ وجملة "الله أحد" خبر، وهي عين المبتدأ في المعنى؛ لأنها مفسرة له، بخلاف ما إذا قدر "هو" ضمير المسئول عنه. وقد سئل الرسول ﵇: صف لنا ربك، فنزلت، فيكون "هو" مبتدأ، و"الله" خبر، و"أحد" خبر بعد خبر.