عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا﴾ (١)، وقول الشاعر: .... ولكن ملء عين حبيبها (٢)
الحالة الثالثة: جواز التقديم والتأخير
وذلك فيما فقد فيه موجبهما؛ كقولك: زيد قائم؛ فيترجح تأخيره على الأصل،
(١) " أم" متصلة، وقيل منقطعة بمعنى بل "على قلوب" خبر مقدم. "أقفالها" مضاف إليه مبتدأ مؤخر. ولا يصح تقديمه؛ لئلا تعود الهاء فيه على قلوب، وهي متأخرة رتبة، فيعود الضمير على متأخر لفظا ورتبة، وذلك ممنوع.
(٢) جزء من عجز بيت من الطويل، لنصيب بن رباح الشاعر الأموي. في امرأته، فقد قيل إنه لم يشبب بأجنبية، وقد كان عبدا أسود لبني مروان. وتمامه:
أهابك إجلالا وما بك قدرة … علي. . . . . . . . . . .
اللغة والإعراب:
أهابك: أخافك وأجلك؛ من الهيبة وهي المخافة. إجلالا: إعظاما لك، وهي مفعول لأجله. "وما بك" الواو للحال و"ما" نافية. "بك" خبر مقدم. "قدرة" مبتدأ مؤخر. "ولكن" حرف استدراك. "ملء عين" خبر مقدم ومضاف إليه. "حبيبها" مبتدأ مؤخر، والهاء عائدة على "عين".
المعنى: إني لأهابك وأخافك، إعظاما لقدرك، لا خوفا من بطشك، فليس لك سلطان علي، ولكن العين تمتلئ ممن تحبه فتحصل له المهابة والخوف.
الشاهد: تقديم الخبر وهو "ملء عين" لاتصال المبتدأ وهو "حبيبها" بضمير يعود على ملابس الخبر وهو المضاف إليه، فلو قدم المبتدأ لزم عود الضمير على متأخر لفظا ورتبة؛ لأن رتبة الخبر التأخير، وذلك غير جائز. وفي هذه المسألة الرابعة يقول ابن مالك:
كذا إذا عاد عليه مضمر … مما به عنه مبينا يخبر*
أي: كذلك يجب تقديم الخبر؛ إذا عاد عليه الضمير من المبتدأ الذي يخبر عنه بخبر يبين ويفسر الضمير العائد إليه. وفي عبارة الناظم مضاف محذوف أي: "عاد على ملابسه".
ومن المواضع التي يجب فيها تقديم الخبر: أن يكون قد ورد متقدما في أمثال العرب؛ نحو قولهم: "في كل واد ثعلبة"؛ لأن الأمثال لا تغير. أو يكون المبتدأ مقرونا بفاء الجزاء بعد أما، نحو: أمامك فالباب مفتوح، أو يكون الخبر اسم إشارة ظرفا للمكان؛ نحو: هنا الأمل وثم الفشل، أو يكون لفظ "كم" الخبرية؛ نحو: كم خطأ ارتكبت، أو مضافا إليها؛ نحو: صاحب كم مؤلف أنت!.
* "كذا" إعرابه كسابقه. "إذا" ظرف فيه معنى الشرط. "عاد" ماض فعل الشرط. "عليه" متعلق بعاد. "مضمر" فاعله، والجملة في محل جر بإضافة إذا إليها، وجواب الشرط محذوف يدل عليه الكلام السابق. "مما" متعلق بعاد و"ما" اسم موصول عائدة على المبتدأ. "به عنه" متعلقان بيخبر، والضمير في "به" عائد على الخبر، وفي "عنه" على المبتدأ. "مبينا" حال من ضمير به. "يخبر" الجملة صلة ما.