للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الألفية في علم العربية" (١) نظم الإمام العلامة جمال الدين أبي عبد الله محمد بن مالك الطائي (٢) كتاب صغر حجمًا، وغزر علمًا (٣)، غير أنه لإفراط (٤)

(١) المراد هنا: النحو والصرف؛ لأن علم العربية -كما يقول الزمخشري- يطلق على اثني عشر علمًا. ويحد على هذا: بأنه قواعد تعرف بها أحوال الكلمات عند الإفراد والتركيب.

(٢) هو إمام النحاة وحافظ اللغة: محمد بن عبد الله بن مالك الطائي الجياني الشافعي. ولد سنة ٦٠٠ هـ بمدينة جيان بالأندلس، فنسب إليها. ورحل أهله إلى دمشق، فنشأ بها، وأخذ العربية عن علمائها وغيرهم، ثم صرف همته إليها فأتقنها حتى حاز فيها قصب السبق، وبلغ الغاية، وأربى على المتقدمين، وأصبح المرجع في غريب اللغة ووحشيها، وكان فوق ذلك إمامًا في القراءات وعللها. أما النحو والصرف فكان فيهما بحرًا لا يجارى، وحبرًا لا يبارى. وكان العلماء يعجبون من أشعار العرب التي يستشهد بها في النحو واللغة من أين جاء بها؟ وكان نظم الشعر عليه سهلًا؛ رجزه، وطويله، وبسيطه. وأكثر ما كان يستشهد بالقرآن، فإن لم يجد فيه شاهدًا عدل إلى الحديث، فإن لم يجد فيه ضالته تحول إلى أشعار العرب. هذا مع شدة تدينه، وصدق لهجته، وفصاحة لفظه وأسلوبه، وكمال عقله، ووقاره، وقد أقام بدمشق يصنف ويدرس. وقد تخرج به كثير من العلماء، وله تصانيف كثيرة تقرب من الثلاثين، وقد قدم القاهرة ثم عاد إلى دمشق، وقيل إنه قرأ على ثابت بن حيان، وسمع من أبي علي الشلوبين، وأخذ عن ابن يعيش الحلبي. وتوفي ابن مالك بدمشق في ١٢ من شعبان سنة ٦٧٢ هـ، وقد رثاه العلماء كثيرًا، وقد جاء في مرثية الإمام شرف الدين الحصني:

يا لسان الأعراب يا جامع الإعـ … ـراب يا مفهمًا لكل مقال

يا فريد الزمان في النظم والنثـ … ـر وفي نقل مسندات العوالي

كم علوم بثثتها في أناس … علموا ما بثثت عند الزوال

(٣) - أي: كثر علمه، والغزارة: الكثرة، وبابه ظرف.

(٤) - الإفراط: مجاوزة الحد في الأمر. والإيجاز: الاختصار، يقال: أوجز الكلام: قصره وقلله، والمراد شدة الاختصار. أما التفريط فهو: التقصير والإهمال، يقال: فرط في الأمر -قصر فيه وضيعه حتى فات.

<<  <  ج: ص:  >  >>