للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالوا: وهبني الله فداك (١). وهذا ملازم للمضي.

لهذه الأفعال ثلاثة أحكام:

أحدها الإعمال: وهو الأصل، وهو واقع في الجميع (٢).

الثاني الإلغاء: وهو إبطال العمل لفظًا ومحلا لضعف العامل بتوسطه، أو تأخره؛ كزبيد ظننت قائم، وزيد ظننت (٣).

قال:

وفي الأراجيز خلت اللؤم والخور (٤)

(١) قول لبعض العرب في الدعاء. ومعنى وهبني: صيرني. وياء المتكلم مفعول أول. و"فداك" مفعول ثان، وهو بالكسر يمد ويقصر، وبالفتح يقصر لا غير.

(٢) أي: في أفعال القلوب، وفي أفعال التصيير، سواء منها المتصرف أو الجامد على النحو الذي ذكر. وقد مر أن الأفعال القلبية متصرفة إلا فعلين؛ هما: "تعلم" بمعنى اعلم، و"هب" بمعنى ظن، والذي يعمل من المتصرف هو الماضي وحده في الغالب، أما أفعال التصيير فالجامد منها هو "وهب"، ويلزم المضي كما سبق.

(٣) المثال الأول لتوسط العامل بين المبتدأ والخبر "مفعوليه"، والثاني لتأخره عنهما. والإلغاء في الحالتين جائز لا واجب، إلا في مسائل ستذكر فيما بعد.

(٤) عجز بيت من البسيط، لمنازل بن ربيعة المتقري، يهجو العجاج الراجز المشهور. وصدره:

أبالأراجيز يابن اللؤم توعدني

اللغة والإعراب:

الأراجيز: جميع أرجوزة، وهي ما كان من الشعر من بحر الرجز، وقد كان من الشعراء من لا يقول غير الرجز؛ كالعجاج وابنه رؤبة، ومنهم من يقول الشعر لا غير، وآخرون يقولون النوعين. توعدني: تتهددني.

اللؤم: دناءة الأصل وشح النفس. الخور: الضعف. "أبالأراجيز" الهمزة للاستفهام، و"بالأراجيز" متعلق بتوعدني. "يابن اللؤم" منادى ومضاف إليه.

"وفي الأراجيز" خبر مقدم، والواو للحال. "خلت" فعل وفاعل. "اللؤم" مبتدأ مؤخر. "والخور" معطوف على اللؤم، وجملة "خلت" معترضة بين المبتدأ والخبر.

المعنى: أتتهددني بالأراجيز يا دنيء الأصل، ويا وضيع النسب؟ وفي هذه الأراجيز الدناءة والضعف. وقد جعله ابنا للؤم مبالغة في هجائه.

الشاهد: إلغاء "خال"؛ لتوسطها بين المفعولين، فرفعا على المبتدأ والخبر.

<<  <  ج: ص:  >  >>