للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال عنه المؤرخ العلامة ابن خلدون: "ما زلنا ونحن بالمغرب نسمع أنه ظهر بمصر عالم بالعربية، يقال له ابن هشام، أنحى من سيبويه".

وذكره مرة أخرى بقوله: "إن ابن هشام على علم جم يشهد بعلو قدره في صناعة النحو: وكان ينحو في طريقته منحى أهل الموصل الذين اقتفوا أثر ابن جني، واتبعوا مصطلح تعاليمه، فأتى من ذلك بشيء عجيب يدل على قوة ملكته واطلاعه".

وقد صنف ابن هشام كثيرًا من الكتب النافعة التي تلوح منها أمارات التحقيق، وطول الباع في البحث والتدقيق، منها: "مغني اللبيب عن كتب الأعاجيب" وهو مشهور متداول، ومرجع هام للدارسين، وعليه شروح كثيرة. و"الروضة الأدبية في شواهد علوم العربية" وهو شرح لشواهد "اللمع لابن جني" وكتاب "رفع الخصاصة عن قراء الخلاصة" في أربع مجلدات ... وغير ذلك. ومن كتبه المتداولة الآن: "شذور الذهب في معرفة كلام العرب"، و"قطر الندى وبل الصدى" وهما يدرسان في بعض المعاهد. و"شرح الجامع الصغير". وله عدة حواش على الألفية والتسهيل. وشرح قصيدتي: "بانت سعاد" و"البردة". أما "أوضح المسالك" الذي نحن بصدد التعليق عليه، فقد ذاع صيته، وانتشر في الآفاق ذكره، وهو مرجع هام في نحو اللغة العربية.

وكان -رحمه الله- خبيرًا بالشعر ونظمه. ومن شعره قوله:

ومن يصطبر للعلم يظفر بنيله ... ومن يخطب الحسناء يصبر على البذل

ومن لا يذل النفس في طلب العلا ... يسيرا يعش دهرا طويلا أخا ذل

وتوفي -رحمه الله- ليلة الجمعة، الخامس من ذي القعدة سنة ٧٦١ "إحدى وستين وسبعمائة هجرية"، الموافقة ١٦٣٠ ميلادية. ودفن عند باب النصر بالقاهرة، وقبره معروف هنالك إلى الآن. رحمه الله وأسبغ على جدثه المغفرة والرضوان.

وقد رثاه كثير من الشعراء، ومنهم ابن نباتة المصري بقوله:

سقى ابن هشام في الثرى نوء رحمة ... يجر على مثواه ذيل غمام

سأروي له في سيرة المدح مسندا ... فما زلت أروي سيرة ابن هشام

<<  <  ج: ص:  >  >>