فيجب النصب: إذا وقع الاسم بعد ما يختص بالفعل، كأدوات التخصيص (١)، نحو: هلا زيدا أكرمته، وأدوات الاستفهام غير الهمزة (٢)، نحو: هل زيدا رأيته؟ ومتى عمر لقيته؟ وأدوات الشرط، نحو: حيثما زيدا لقيته فأكرمه، إلا أن هذين النوعين (٣) لا يقع الاشتغال بعدهما إلا في الشعر، وأما في الكلام فلا يليهما إلا في صريح الفعل (٤)، إلا إن كانت أداة الشرط "إذا" مطلقا (٥)، أو"إن" والفعل ماض (٦)، فيقع في الكلام، نحو: إذا زيدا لقيته أو تلقاه فأكرمه، وإن زيدا لقيته فأكرمه، ويمتنع في الكلام: إن زيدا تلقه فأكرمه (٧)، ويجوز في الشعر، وتسوية الناظم بين إن وحيثما مردودة (٨).
(١) التخصيص هو: الحث وطلب الشيء بقوة وشدة، تظهر في نبرات الصوت، ومثله العرض، وهو طلب الشيء برفق وملاينة: نحو: ألا محمدا سامحته.
(٢) وإنما تكون أدوات الاستفهام مختصة بالفعل، إذا وجد بعدها فعل في جملتها، فإن لم يوجد، فلا اختصاص، نحو: أين المهرب؟، متى العمل؟ أما الهمزة فتدخل على الاسم، وإن كان الفعل في حيزها؛ لأنها أم الباب فتوسع فيها، ونصب الاسم الواقع بعد "هل" إذا وقع بعدها فعل، هو مذهب سيبويه، أما الكسائي، فيجيز أن يليها الاسم والفعل، وعلى ذلك يجوز الرفع والنصب، غير أن النصب أرجح.
(٣) وهما: أدوات الاستفهام غير الهمزة، وأدوات الشرط.
(٤) فلا يجوز في الكلام أن يقال: متى أو حيثما محمد لقيته فأكرمه.
(٥) أي: سواء أكان الفعل ماضيا أم لا، ومثل "إذا"، "لو"، نحو: لو الخيانة امتنعت لأمن الناس.
(٦) أي الفعل المفسر، سواء كان ماضيا لفظا ومعنى، نحو: إن علما تعلمته فاعلمه به. أو معنى فقط، كالمضارع الداخلة عليه "لم"، التي تقلب زمنه إلى المضي، نحو: إن محمدا لم تجده فانتظره.
(٧) لأن "إن" لما جزمت المضارع لفظا قوي طلبها له، فلا يليها غيره، بخلاف ما إذا لم تجزمه لفظا، إما لمضيه، وإما لجزمه بغيرها، فإنه يضعف طلبها له فيليها غيره.
(٨) لأن الاشتغال بعد "حيثما" لا يقع إلا في الشعر، أما بعد "إن"، فإن كان بعدها ماض وقع