للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مسألة: المصدر المؤكد لا يثنى ولا يجمع باتفاق، فلا يقال: ضربين ولا ضروبا؛ لأنه كماء، وعسلٍ (١)، والمختوم بتاء الوحدة، كضربة بعكسه (٢) باتفاق، فيقال: ضربتين وضربات؛ لأنه كتمرة وكلمة، واختلف في النوعي، فالمشهور الجواز (٣)، وظاهر مذهب سيبويه المنع، واختاره الشلوبين.

المصدر، والمشارك في المادة، وما ينوب عن المبين للنوع أو العدد، وهي: الوصف، والضمير، والإشارة، والعدد والآلة، وكل، وبعض، وما في معناهما، وكلها تتلخص في شيء واحد، وهو وجود ما يدل عليه عند حذفه، وفي ذلك يقول الناظم:

وقد ينوب عنه ما عليه دل … كجد كل الجد وافرح الجذل

أي ينوب عن المصدر عند حذفه، كل شيء يدل عليه، وقد مثل الناظم بنائبين، هما: لفظ "كل" مضافا إليه المصدر، والمرادف وهو الجذل، بمعنى الفرح.

(١) أي مقصود به معنى الجنس، فهو يدل بنفسه على القليل والكثير، فيستغنى بهذه الدلالة عن الدلالة العددية، في التثنية والجمع. وأيضًا فهو بمنزلة تكرار الفعل، والفعل لا يثنى، ولا يجمع. ومثله في ذلك ما ينوب عنه.

(٢) أي يثنى ويجمع.

(٣) أي جواز تثنية وجمعه، وذلك إذا اختلفت أنواعه، وقد جاء في القرآن الكريم: ﴿وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَ﴾، ومثله المبين للعدد، ويجوز تقديمها على العامل، ولا يعملان شيئا فليس لها فاعل ولا مفعول.

ويرى ابن مالك المنع في المؤكد، والجواز في غيره، وفي ذلك يقول:

وما لتوكيد فوحد أبدا

وثن واجمع غيره وأفردا*

أي أن المصدر الدال على التوكيد يجب توحيده، أي إفراده، فلا يثنى ولا يجمع.

أما غيره فثنه إن شئت، واجمعه، أو اجعله مفردا.


* "قد" حرف تحقيق، "عنه" متعلق بينوب، والضمير عائد على المصدر المتأصل في المفعولية، وهو ما كان من لفظ عامله، "ما" اسم موصول فاعل ينوب. "عليه" متعلق بدل، وجملة "دل" صلة ما. "كجد" الكاف جارة لقول محذوف. "كل" مفعول مطلق نائب عن المصدر، "الجد" مضاف إليه.
* "وما" اسم موصول مفعول لواحد بعده، "لتوكيد" متعلق بمحذوف صلة ما، "فوحد" الفاء زائدة و"وحد" فعل أمر، "أبدا" ظرف، "غيره" مفعول تنازعه كل من ثن واجمع، فاعمل الثاني، وحذف ضميره من الأول؛ لأنه فضلة. "وأفردا" فعل أمر مؤكد بالنون الخفيفة، المقلوبة ألفًا للوقف، والفاعل أنت.

<<  <  ج: ص:  >  >>