ويجب الرفع في نحو: له ذكاء ذكاء الحكماء؛ لأنه معنوي لا علاجي (١)، وفي نحو: صوته صوت حمار، لعدم تقدم الجملة، وفي نحو: فإذا في الدار صوت صوت حمار، ونحو: فإذا عليه نوح نوح الحمام، لعدم تقدم صاحبه (٢)، وربما نصب نحو هذين لكن
وله بكاء، وهذه الجملة مشتملة على اسم بمعناه، وهو المصدر الأول، ومشتملة كذلك على صاحب المصدر، وهو الهاء في أوله، وليس فيها ما يصلح للعمل في المصدر الثاني، فتعين أن يكون منصوبا بفعل محذوف وجوبا، يدل عليه الكلام، وإلى هذه المسألة أشار الناظم بقوله:
كذاك ذو التشبيه بعد جمله … كـ"لي بكا بكاء ذات عضلة"
أي كذلك يجب حذف عامل المصدر، إذا قصد به التشبيه بعد جملة مشتملة على فاعله المعنوي كما بينا، واكتفى بالمثال عن بقية الشروط، نحو: لي بكاء بكاء ذات عضلة: أي لي بكاء أبكي بكاء ذات عضلة، والعضلة: الداهية أو الممنوعة من الزواج، أي بكاء من أصابتها داهية، فبكاء الثانية مصدر، دال على التشبيه، واقع بعد جملة. . . . . . . . . . . إلخ، وهو منصوب وهو منصوب بفعل محذوف وجوبا، ويجوز في هذين المثالين مع استيفاء جيمع الشروط، الرفع، على أن المصدر الثاني بدل من المصدر الأول، أو نعت له؛ لأنه تخصص بالإضافة إلى ما بعده.
(١) بل هو من الملكات الثابتة وإنما وجب الرفع من غير العلاجي؛ لأن نصب "صوت" وشبهه، إنما كان؛ لأن ما قبله بمنزلة "يفعل" مسندا إلى "فاعل"، فالتقدير في له صوت: هو يصوت، فاستقام نصب ما بعده لاستقامة تقدير الفعل في موضعه، وذلك غير ممكن في له ذكاء.
(٢) أما في المثال الأول، فإن الضمير المنتقل إلى الجار والمجرور، للمصدر لا لصاحبه، والضمير المجرور في "عليه" في الثاني، عائد على المنوح عليه لا على الناتح، فليس في الجملتين فاعل الفعل المقدر الذي ينصب المصدر.
* "كذلك" كذا خبر مقدم والكاف حرف خطاب "ذو التشبيه" مبتدأ مؤخر ومضاف إليه، "بعد" ظرف متعلق بمحذوف حال، "جملة" مضاف إليه، "كلي" متعلق بمحذوف خبر مقدم "بكا" مبتدأ مؤخر وقصر للضرورة والجملة صفة لجملة، أي بعد جملة كائنة كهذه، وذلك ليكون المثال مشيرا لباقي الشروط، "بكاء" مفعول مطلق، "ذات عضلة" مضاف إليه.