للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد تخرج عن الصفة وتضمن معنى "إلا" (١)، فيستثنى بها اسم مجرور بإضافتها إليه، وتعرب هي (٢) بما يستحقه المستثنى بإلا في ذلك الكلام، فيجب نصبها في نحو: قاموا غير زيد (٣)، وما نفع هذا المال غير الضرر (٤) عند الجميع، وفي نحو: ما فيها أحد غير حمار (٥)، عند الحجازيين، وعند الأكثر في نحو: ما فيها غير زيد أحد (٦).

(١) فتقع في جميع مواقعها، وتجري عليها كل الأحكام التي تجري على المستثنى بإلا، وقد تحمل "إلا" على "غير"، فيوصف بها مع بقائها على حرفيتها، أو صيرورتها اسما وظهور إعرابها على ما بعدها، بشرط أن يكون الموصوف بها: جمعا نكرة، كقوله تعالى: ﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلاَّ اللَّهُ لَفَسَدَتَا﴾، أو شبههما. والمراد بشبه الجمع: ما كان مفردًا في اللفظ، دالا على متعدد في المعنى، مثل "غيري" في قول الشاعر:

لو كان غيري سليمى الدهر غيره … وفع الحوادث إلا الصارم الذكر

فقوله: إلا الصارم، صفة لغيري، والمراد بشبه النكرة ما أريد به الجنس كالمعرف بأل الجنسية، وقد أشار إلى ذلك المصنف.

وتخالف "إلا" "غير" في أمور، منها: أنه لا يجوز حذف موصوفها، فلا يقال: جاءني إلا محمد، ويقال: جائني غير محمد وتقع بعدها الجمل، أما "غير"، فإنها مختصة بالإضافة إلى المفرد، ولا يجوز مراعاة المعنى في المعطوف المستثنى بها، بخلاف "غير"، فتقول: ما قام القوم غير محمد وعلي، بجر "علي" على لفظ محمد، ورفعه على المعنى؛ لأن المعنى: ما قام "إلا" محمد وعلي، أما "إلا" فلا يجوز إلا مراعاة اللفظ.

(٢) ويجوز بناءها على الفتح في جميع الأحوال بشرط أن تكون مضافة إلى مبني، نحو: ما قام غير هذا، وشأنها في ذلك شأن الأسماء المتوغلة في الإبهام، كغير، ومثل، وأجاز الفراء بناءها على الفتح مطلقا.

(٣) أي مما فيه الكلام تام موجب.

(٤) أي إذا كان الاستثناء منقطعا، ولا يمكن تسليط العامل على المستثنى.

(٥) أي مما فيه الاستثناء منقطع، ويمكن تسليط العامل على المستثنى.

(٦) أي إذا تقدم المستثنى على المستثنى منه.

والخلاصة: أنه يجب نصب "غير" بالإجماع في صورتين: إذا كان الكلام تاما موجبا،

نحو: قام القوم غير زيد، أو كان الاستثناء منقطعا، ولا يمكن تسليط العامل على المستثنى نحو: ما نفع هذا المال غير الضرر، ويجب النصب عند الحجازيين، إذا كان الاستثناء، منقطعا وأمكن تسليط العامل على المستثنى، نحو: ما في الدار أحد غير حمار، وبنو تميم يجيزون الاتباع في ذلك، وإذا تقدم المستثنى منه، نحو: ما في الدار غير زيد أحد وجب النصب عند الأكثرين.

<<  <  ج: ص:  >  >>