والثاني: إن اتحد لفظه ومعناه ثني أو جمع (١)؛ نحو: ﴿وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ﴾ الأصل دائبة ودائبا (٢)؛ ونحو: ﴿وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ﴾ (٣). وإن اختلف فرق بغير عطف؛ كلقيته مصعدًا منحدرا، ويقدر الأول للثاني وبالعكس (٤)، قال:
عهدت سعاد ذات هوى معنى (٥)
وقد تأتي على الترتيب إن أمن اللبس.
(١) أي من باب الاختصار، وذلك أولى لا واجب كما يقول بعض النحاة، ومن غير نظر للعوامل: أهي متحدة في ألفاظها ومعانيها وعملها، أم غير متحدة في شيء من ذلك.
(٢) "دائبين" مثنى، وهي حال مؤسسة من الشمس والقمر، ولا يضر الاختلاف في التذكير والتأنيث، ما دام الحالان متفقين لفظا ومعنى.
(٣) "مسخرات" جمع، وهي حال مؤكدة لعاملها لفظا ومعنى.
(٤) أي تقدر الحال الأولى للاسم الثاني، والحال الثانية للاسم الأول، وإن كان هنالك ثالثة فللاسم الذي قبل هذا؛ وذلك ليتصل أول الحالين بصاحبه، ولا يعكس لئلا يلزم فصل كل من صاحبه مع عدم القرينة، وقد تجعل كل حال بعد صاحبها مباشرة، وهذا أحسن منعا للغموض.
(٥) صدر بيت من الطويل، لم ينسب لقائل معين، وعجزه:
فزدت وعاد سلوانًا هواها
اللغة والإعراب: عهدت: عرفت علمت سعاد: اسم محبوبته. ذات هوى: صاحبة عشق وحب. معنى: اسم مفعول من عناه الأمر، شق عليه حتى أورثه العناء والجهد سلوانا: سلوا ونسيانا. "سعاد" مفعول عهدت. "ذات هوى" حال من سعاد، ومضاف إليه.
"معنى" حال من التاء في عهدت. "عاد" ماض ناقص بمعنى صار، "سلوانا" خبر "عاد" مقدم. "هواها" اسمها مؤخر ومضاف إليه، ويجوز جعل عاد تامة، و"هواها" فاعل به، و"سلوانا" حال منه.
المعنى: لقد كنت أنا وسعاد شديدي المحبة والهيام؛ فأما أنا فازددت حبا لها وشغفا بها، وأما هي فصار هواها وحبها هجرا وانصرافا عني.
الشاهد: مجيء الحالين على عكس ترتيب صاحبيهما؛ فقد جعل أول الحالين -وهو ذات هوى- لثاني الاسمين، وهو سعاد؛ ليتصل بصاحبه، والعكس والقرينة التذكير والتأنيث.