للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نحو: لله دره فارسًا

وأبراحت جارا (١)

فإنهما وإن كانا فاعلين معنى؛ إذ المعنى: عظمت فارسًا، وعظمت جارا (٢). إلا أنهما غير محولين، فيجوز دخول "من" عليهما؛ من ذلك (٣) نعم رجلًا زيد يجوز نعم من رجل قال:

فنعم المرء من رجل تهامي (٤)

(١) أبرحت -بكسر التاء- خطاب للمؤنث؛ أي أعجبت وهذه العبارة مأخوذة، من بيت للأعشى، من قصيدة يمدح فيها قيس بن معدي كرب الكندي، وهو:

أقول لها حين جد الرحيل … أبرحت ريا وأبرحت جارا

والضمير في "لها" يعود إلى الناقة التي ارتحل عليها لممدوحه. جد الرحيل: اشتد.

أبرحت: عظمت، أو عجبت. ربا: المراد به الممدوح الذي يقصده الشاعر بشعره؛ إذا فسر "أبرحت" بعظمت؛ أي عظمت ملكا؛ بمعنى: ما أعظم الملك الذي نقصدينه، ويكون ربا تمييزا، وإذا فسر أبرحت بأعجب، فالمراد بالرب صاحب الناقة، ويكون "أبرحت" على هذا فعلا متعديا، و"ربا" مفعولا به؛ كأنه قال: أعجبت صاحبك. مثله جارا.

المعنى: يتخيل أن ناقته شكت إليه طول سفرها، وما احتملته من مشاق ومتاعب؛ فيقول لها: لا تستعظمي ما تلاقينه من الجهد والتعب؛ فإنك تذهبين إلى ملك عظيم يجزل العطاء الذي ينسى معه كل جهد وعناء.

(٢) فيكون "فارسا وجارا": واقعين على مدلول التاء التي هي الفاعل؛ فيلزم أن يكونا فاعلين في المعنى.

(٣) أي من الفاعل، في المعنى غير المحول عن الفاعل صناعة.

(٤) عجز بيت من الوافر؛ ينسب لأبي بكر بن الأسود الليثي، يرثي هشام بن المغيرة، أحد أشراف مكة، وصدره.

تخيره ولم يعدل سواه

وقبل هذا البيت:

فذرني أصطبح يا بكر إني … رأيت الموت نقب عن هشام

<<  <  ج: ص:  >  >>