ولأن المصدر الموضوع للتكثير لم يثبت فيه غير كونه مفعولا مطلقا.
وتجويز الأعلم في هذاذيك في البيت الوصفية (١) مردود لذلك (٢)، وقوله فيه وفي أخواته: إن الكاف لمجرد الخطاب، مثلها في "ذلك" (٣) مردود أيضا؛ لقولهم: "حنانيه" و"لبي زيد" (٤)، ولحذفهم النون لأجها ولم يحذفوها في "ذانك" (٥)، وبأنها لا تحلق الأسماء التي لا تشبه الحرف (٦). وشذت إضافة "لبي" إلى ضمير الغائب في نحو قوله:
لقلت لبيه لمن يدعوني (٧)
(١) أي لضربا. والمعنى: اضرب ضربا مسرعًا أو مكررًا.
(٢) أي للتعريف؛ لأن ضربا نكرة، فلا يوصف بمعرفة؛ ولأن المصدر … إلخ.
(٣) أي مثل الكاف في ذلك؛ في أنها لا موضع لها من الإعراب.
(٤) فقد أضيف "حنانيه" إلى الضمير، و"لبي" إلى الاسم الظاهر، وقيام ضمير الغيبة، والاسم الظاهر مقام الكاف، دليل على اسميتها؛ لأن الاسم إنما يقوم مقامه مثله.
(٥) وهذا أيضا دليل على أنها اسم مضاف إليه، وكذلك في "تانك".
(٦) أي أن الكاف الحرفية لا تحلق كل ما لا يشبه الحرف. ولبيك وأخواته مصادر لا تشبه الحرف؛ فلا تلحقها الكاف الحرفية، فهذه ثلاث علل للرد على الأعلم.
(٧) رجز أنشده أبو علي الفارسي، ولم ينسبه، وقبله:
إنك لو دعوتني ودوني … زوراء ذات مترع بيون
اللغة والإعراب: زوراء: هي الأرض البعيدة الأطراف. مترع: مملوء أو ممتد؛ من قولهم: حوض ترع؛ أي ممتلئ والذي في اللسان: منزع بدل مترع؛ وهو الفراغ الذي في البئر حتى الماء، بيون: هي البئر الواسعة الرأس الضيقة الأسفل، أو البعيدة القاع. "إنك" إن واسمها. "لو" شرطية غير جازمة. "دعوتني" فعل الشرط. "ودوني" الواو للحال، و"دوني" ظرف خبر مقدم، ومضاف إليه، "زوراء" مبتدأ مؤخر، والجملة حال من ياء دعوتني، "ذات مترع" صفة لزوراء ومضاف إليه. "بيون" صفة لمترع. "لقلت" جواب لو، وجملة الشرط وجوابه خبر إن. "لبيه" مفعول مطلق لمحذوف منصوب بالياء، مضاف إلى الهاء، وهو التفات من الخطاب إلى الغيبة.
المعنى: إنك لو طلبتني وناديتني لأمر ما -وبيننا أرض نائية، صبعة المسالك، ذات مياه بعيدة الغور- لأجبتك سريعا، ولما تأخرت عن تلبية طلبك.
الشاهد: إضافة "لبى" إلى ضمير الغائب، وهو شاذ؛ لأنه مختص بضمير المخاطب.