للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لتقوم مقام الشكل الذي نعرفه اليوم، وبعض الضوابط التي تحفظ من الخطأ في كتاب الله، ثم تدرج العمل بعد.

٣- وقد كان أبو الأسود من القراء، لبقا ذكيا، حاضر البديهة، كما كان شاعرًا مفلقا. ولعل الذي هداه إلى ذلك أنه خالط الأعاجم في العراق مدة طويلة، وكانت اللغة السريانية -وهي شقيقة اللغة العربية؛ لأن كلتيهما لغة سامية- منتشرة في شمال العراق، ولها نحو فيه اصطلاحات وتقاسيم، وقد يكون أبو الأسود استفاد من ذلك، هو ومن عاصره وشاركه هذا العمل، ومن أتى بعده ممن عنوا بهذا العلم، ووضعوا أصوله وقواعده.

٤- وقد عاصر أبا الأسود، وأخذ عنه، وتدارس معه مسائل النحو كثيرون من العلماء؛ منهم: نصر بن عاصم الليثي المتوفى سنة ٨٩ هجرية، أول من سبب النحو وفتق فيه القياس؛ حتى نسب بعضهم إليه أول وضعه. وعبد الرحمن بن هرمز، أول من نقل النحو إلى المدينة وتكلم فيه، وتوفي سنة ١١٧ هـ، ودفن بالمدينة. ومنهم: يحيى بن يعمر المتوفى سنة ١٢٩هـ، والذي بسط النحو وعين بعض أبوابه، وكان أظهر عمل هؤلاء أن أثاروا بعض مسائل مختلفة من النحو حول آيات من القرآن الكريم، وأبيات من الشعر العربي.

٥- وقد أخذ عن معاصري أبي الأسود أو تلاميذه كثيرون؛ منهم عبد الله بن إسحاق الحضرمي المتوفى سنة ١١٧هـ، أول من مد القياس وشرح العلل. وأبو عمرو بن العلاء، أوسع الناس علمًا بكلام العرب ولغتها وغريبها، ثم عيسى بن عمرو الثقفي المتوفى سنة ١٤٩هـ، الذي تتلمذ عليه الخليل بن أحمد، وقد جمع ما أثاره أسلافه من المسائل المتفرقة، وقيل إنه ألف كتابين سمى أحدهما "الإكمال" والآخر "الجامع"، وقد قال فيهما الخليل:

بطل النحو جميعا كله ... غير ما أحدث عيسى بن عمر

ذاك "إكمال" وهذا "جامع" ... فهما للناس شمس وقمر

<<  <  ج: ص:  >  >>