والثاني: أن يؤتى بعده "بمن"(٣) جارة للمفضول، وقد يحذفان (٤)؛ نحو: ﴿وَالآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى﴾ (٥). وقد جاء الإثبات والحذف في: ﴿أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالاً وَأَعَز
(١) - أي: وليس من باب التفضيل؛ لأنه ليست فيه مشاركة وزيادة؛ لأن معناه الأصلي: أشد تأخرا، و"أخر": جمع أخرى، أنثى آخر على وزن "أفعل".
(٢) - صدر بيت من البسيط، للحسن بن هانئ، المشهور بأبي نواس، في وصف الخمر، وعجزه:
حصباء در على أرض من الذهب
اللغة والإعراب: فقاقعها: جمع فقاعة؛ وهي النفاخات التي على وجه الماء أو الخمر، شبه حبات صغيرة من الحصباء، وهي: دقاق الحصى. در: لآلئ، جمع درة؛ وهي اللؤلؤة. "كأن" حرف تشبيه ونصب. "صغرى" اسم كان. "من فقاقعها" جار ومجرور متعلق بمحذوف صفة لصغرى وكبرى. "حصباء" خبر كأن. "در" مضاف إليه. "على أرض" متعلق بمحذوف صفة لحصباء. "من الذهب" متعلق بمحذوف صفة الأرض.
المعنى: كأن النفاخات الصغيرة البيضاء التي تعلو الخمر وهي في الكأس -في لونها الذهبي- حبات من اللؤلؤ على أرض من ذهب.
الشاهد: مجيء "أفعل" التفضيل؛ وهو صغرى وكبرى، مؤنثا مع أنه مجرد من أل والإضافة، وكان حقه أن يكون مفردا مذكرا؛ فيقال: أصغر، وأكبر، لهذا قال بعضهم: إنه لحن، وقال الآخرون: إنه لم يقصد التفضيل، وإنما أراد معنى الوصف المجرد عن الزيادة، فهو صفة مشبهة، لا أفعل تفضيل.
(٣) - ولا يجر المفضول غيرها من الحروف، وهي واجبة في هذه الحالة. واختلف في معناها، فقال المبرد: هي للابتداء، وتكون لابتداء الارتفاع إذا كان السياق للمدح؛ نحو: النشيط أفضل من الخامل. ولابتداء الانحطاط إذا كان السياق للذم؛ نحو: المنافق أضر على المجتمع من العدو، وقال ابن مالك: هي للمجاورة؛ أي أن المفضل جاوز المفضول في الوصف الممدوح أو المذموم، وزاد عليه.
(٤) - أي "من" ومجرورها وهو المفضل عليه، وذلك عند وجود دليل على الحذف، وإلا امتنع.
(٥) - أي من الحياة الدنيا. من الآية ١٧ من سورة الأعلى.