للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خَضَرِهَا وَنَبَاتِهَا فِي مِثْلِ هَذَا الْيَوْمِ فَقَامَ وَقُمْنَا مَعَهُ حَتَّى صِرْنَا إِلَى حِيْطَانِ الْمَدِينَةِ فَبَقِيَ يَطَّلِعُ فِي حَائِطٍ حَائِطٍ حَتَّى وَقَفَ عَلَى حَائِطٍ مِنْهَا فَإِذَا هُوَ بَوَسَطِ الْحَائِطِ امْرَأَةٌ قَائِمَةٌ مُشْتَمِلَةٌ بِعَبَاءَةٍ وَعَلَى يَدِهَا طِفْلٌ لَهَا وَهِيَ تُكِنُّ فِي أَحْشَائِهَا مِنْ شِدَّةِ الْقَرِّ شَفَقَةً مِنْهَا عَلَيْهِ فَأَقْبَلَ عَلَيْنَا فَقَالَ لَنَا أَتَرَوْنَ مَا أَرَى أَنَا فَقُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعَلْمَ قَالَ انْظُرُوا إِلَى هَذِهِ الْمَرْأَةِ مَا تَصْنَعُ بِطِفْلِهَا وَتُكِنُّ فِي أَحْشَائِهَا مِنْ شِدَّةِ الْقَرِّ شَفَقَةً مِنْهَا عَلَيْهِ وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ نَبِيًّا إِنَّ رَبَّكُمْ أَرْحَمُ بِكُمْ مِنْ هَذِهِ الْمَرْأَةِ بِطِفْلِهَا فَفَرِحْنَا فَرَحًا شَدِيدًا وَسُرِرْنَا سُرُورًا شَدِيدًا فَانْصَرَف وَانْصَرَفْنَا مَعَهُ.

- وَبِإِسْنَادِهِ؛، حَدَّثني مَوْلايَ أَنَسٌ قَال: كنتُ يَوْمًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من بَعْدَ مَا تفرقوا أَصْحَابُهُ فَأَقْبَلَ عَلَيَّ فَقَالَ لِي يَا أَبَا حَمْزَةَ فَقُلْتُ لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ قُمْ بِنَا نَدْخُلُ إِلَى سُوْقِ الْمَدِينَةِ فَنَرْبَحُ وَيُرْبَحُ مِنَّا فَقَامَ وَقُمْتُ مَعَهُ حَتَّى صِرْنَا إِلَى السُّوْقِ فَإِذَا نَحْنُ فِي أَوَّلِ السُّوْقِ بِرَجُلٍ جَزَّارٍ شَيْخٍ كَبِيرٍ قَائِمًا عَلَى بَيْعِهِ يُعَالِجُ مِنْ وَرَاءِ ضَعْفٍ فَوَقَعَتْ لَهُ فِي قَلْبِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ رِقَّةٌ فَهَمَّ أَنْ يَقْصِدَهُ وَيُسَلِّمَ عَلَيْهِ وَيَدْعُو لَهُ إِذْ هَبَطَ عَلَيْهِ جِبْرِيلُ فَقَالَ لَهُ يَا مُحَمد إِنَّ اللَّهَ يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلامَ وَيَقُولُ لَكَ لا تُسَلِّمْ على الجزاز فَاغْتَمَّ مِنْ ذَلِكَ النَّبِيُّ لا يَدْرِي أَيَّ سَرِيرَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ إِذْ مَنَعَهُ عَنْهُ فَانْصَرَفَ وَانْصَرَفْتُ مَعَهُ وَلَمْ يَدْخِلِ السُّوْقَ فِكْرُهُ فِي الْجَزَّارِ وَبَقِيَ بَاقِيَ يَوْمِهِ وَلَيْلِهِ فَلَمَّا كَانَ مِنْ غَدٍ تَفَرَّقَ أَصْحَابُهُ فَقَالَ لِي يَا أَبَا حَمْزَةَ قُمْ بِنَا نَذْهَبْ إِلَى السُّوقِ فَنَنْظُرُ أَيْشَ حَدَثَ فِي ذِي اللَّيْلَةِ عَلَي الْجَزَّارِ فَقَامَ وَقُمْتُ مَعَهُ حَتَّى جِئْنَا إِلَى السُّوْقِ فَإِذَا نَحْنُ بِالْجَزَّارِ قَائِمًا عَلَى بَيْعِهِ كَمَا رَأَيْنَاهُ أَمْس فَهَمَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ أَنْ يَقْصِدَهُ وَيَسْأَلَهُ أَيُّ سَرِيرَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ إِذْ مَنَعَهُ عَنْهُ فَهَبَطَ عَلَيْهِ جِبْرِيلُ فَقَالَ لَهُ يَا مُحَمد اللَّهُ يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلامَ وَيَقُولُ لَكَ سَلِّمْ عَلَى الْجَزَّارِ فقال حَبِيبِي جِبْرِيلُ أَمْسُ مَنَعَنِي عَنْهُ رَبِّي وَالْيَوُمْ أَمَرَنِي بِهِ؟ قَال: نَعم يَا مُحَمد إِنَّ الْجَزَّارَ في هذه الليلة

<<  <  ج: ص:  >  >>