للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبالمهملتين من استخدمه بمعنى استوهبه خادما كان المعنى المراد من الظاهر، يطلب خادما تابعا، فيجعل المتكلم المعنى الآخر تابعا له في الإرادة في مقام إرجاع الضمير به.

(وهو أن يراد بلفظ له معنيان) حقيقيان أو مجازيان أو مختلفان أو أكثر.

(أحدهما) أو أحدهما.

(ثم يراد بضميره الآخر) أو بضمائره الأخر.

(أو يراد بأحد ضميريه أحدهما) أو بأحد ضمائره أحدها.

(ثم بالآخر الآخر) (١) أو بالآخر الآخر، وهذا القسم يستلزم القسم الأول؛ لأنه لا يتحقق استخدام باعتبار الضميرين إلا ويتحقق باعتبار ضمير والاسم الظاهر.

ولا يخفى أن الاستخدام غير داخل في التورية أصلا إلا أن يشترط في الاستخدام القرينة الواضحة، وإن اكتفى بمطلق القرينة يكون بينهما عموم من وجه، والثاني أظهر. (فالأول كقوله:

إذا نزل السّماء بأرض قوم ... رعيناه وإن كانوا غضابا (٢)

أراد بالسماء المطر وبضميره النبت والظاهر أن الشاعر وصف قومه بالجرأة والغلبة على ما عداهم من الأقوام، حتى يرعون كلاءهم وماءهم من غير رضائهم، لكن كان بعض من سمعت منه هذا المقام، وهو من الأعلام يقول هذا البيت إظهار لقدرة الله تعالى، وإنعامه في حق عباده، وإن كانوا غير شاكرين له تعالى، يعني يقول الله تعالى إذا نزل السماء بأرض قوم يزينه ويجعله صالحا؛ لأن يرعوه وإن كانوا غضابا غير شاكرين.

(والثاني: كقوله) أي: البحتري:

[(فسقى الغضا) بأن يسقي الله منزلا فيه الغضا (والسّاكنيه) أي: ساكني


(١) لا فرق في المعنيين بين أن يكونا حقيقيين أو مجازيين أو مختلفين، وقد يأتي الاستخدام في لفظ له أكثر من معنيين.
(٢) البيت لمعاوية بن مالك بن جعفر معود الحكماء، أو لجرير وهو المشهور، ولكن لا يوجد في ديوانه، والمراد منه وصفهم بالقلة لغيرهم، من شعراء المفضليات وهو في الإيضاح: (٣١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>