للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوثوق؛ لأنه إن كان الترك مع قصد الإضافة كان الكلام خارجا عن البلاغة، فلا يكون ما عمل فيه محسنا، وإن لم يكن مع قصده لم يكن لفا ونشرا، ولا يكون هناك محسن بديعي.

بقي أمران:

أحدهما: أن يذكر متعدد، ويضاف إلى البعض ماله، ويضاف إلى الباقي أنه ليس له شيء بعدم التعرض لماله، فيقال: جاء محبي وعدوى ومن لا أعرفه، فأكرمت وشتمت، فأفيد أن المحب مكرم، والعدو مشتوم، والثالث غير ملتفت إليه بشيء.

ولا يصدق عليه التعريف؛ لأنه لم يذكر فيه ما لكل، إلا أن يقال: المراد بذكر ما لكل إفادته التي تكون غالبا بالذكر.

وثانيهما: أن يذكر متعدد على التفصيل ثم يؤتى بمجمل مشتمل على متعدد برد السامع من المفصل ما لكل مما ذكر في المجمل إليه فيقال: أعطاني زيد وعمرو وبكر سبعة دنانير، فيما إذا تقرر أن أنعام زيد أربعة، وعمرو اثنان وبكر واحد لا يزيد عليه أبدا فيرد زيد إلى أربعة وعمرو إلى اثنين وبكر إلى واحد، ولا يخفى أنه لا يقصر عما إذا قدم الإجمال، اللهم إلا أن يقال: تأخير المجمل لم يعهد في كلامهم، والوارد في هذا التركيب أعطاني سبعة دنانير زيد وعمرو وبكر، فبناء التعريف على الواقع فإن وجد على هذا النظم فليجعل ملحقا باللف والنشر، فأحسن التأمل، وأجمل التجمل يكن لك أفضل التجمل.

(فالأول) (١) وهو أن يكون المتعدد على سبيل التفصيل (ضربان؛ لأن النشر إما على الترتيب اللف) بأن يكون المذكور في النشر أولا للمذكور في اللف أولا، وهكذا، وليسم اللف والنشر المرتب (نحو وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ أي:

خلق لكم اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ (٢) ذكر الليل والنهار على التفصيل، ثم ذكر فائدة خلق الليل، وهو السكون فيه، وفائدة خلق النهار، وهو الابتغاء من فضل الله فيه، على الترتيب من غير تعيين؛ لأن


(١) هو ذكر متعدد على جهة التفصيل ثم ما لكل واحد إلخ.
(٢) القصص: ٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>