للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكرت في البيت السابق (حبيبا) أي محبوبة (فما ترقا) أي ما تسكن مخفف ترقا مهموزا (لهنّ) أي للسحاب (مدامع) جمع مدمع، ونسبة السيلان إلى المدامع كنسبة الجريان إلى النهر، وعدم سكون دموع السحاب إما لحزنها، كما هو الظاهر، أو ليدفع الربى بالسيلان، فيجد الحبيب المغيبة تحتها، وفي الشرح قال بعض النقاد: فسر هذا البيت قوم فقالوا: أراد بحبيب نفسه، ولا أدري ما هذا التفسير، قلت: وجه هذا التفسير أنه قصد به الملائمة لمطلع القصيدة، وهو قوله:

إلا أنّ صدري من عراوي بلاقع ... عشيّة ساقني الدّيار البلاقع (١)

هذا كلامه قلت: كان وجه استفسار هذا الناقد استكشاف عن وجه التعبير عن نفسه بالحبيب، ولا يفيده ما ذكر الشارح، ووجهه أنه حبيب السحاب لكونه معينا لها في إسالة المياه، ونظيره في عدم سكون مدامعه، (ومنه التفريع) سمي به لأنه تفريع إثبات على إثبات.

(وهو أن يثبت لمتعلق أمر حكم بعد إثباته لمتعلق له آخر) بعدية ذاتية يترتب الإثبات الثاني على الأول فخرج نحو: غلام زيد راكب، وأبوه راكب، ودخل غلام زيد راكب كما أبوه راكب، ولم يحتج لإخراج الأول إلى زيادة قيد على وجه يشعر بالتفريع والتعقيب، كما ذهب إليه الشارح المحقق.

(كقوله) أي: الكميت في قصيد يمدح بها أهل البيت [(أحلامكم)] جمع حلم، كفعل بمعنى العقل، لا حلم كقفل فإنه بمعنى الرؤيا (لسقام الجهل شافية) وصف بالعلم التام والعقل الكامل (كما دماؤكم تشفي من الكلب) (٢) وصف بكونهم ملوكا وأشرافا والكلب على وزن فرس، شبه جنون يعرض للإنسان من عضة الكلب، الكلب على وزن الكتف بمعنى الكلب الذي جن من أكل لحم الإنسان، ولا دواء له أنجع من شرب دم ملك، وقيل يشق إبهام رجله ويؤخذ منه الدم.


(١) البيتان لأبي تمام في ديوانه ص ٤٨٦ من قصيدة يصف قومه ويفخر بهم، والإيضاح ص ٣٢٢.
(٢) البيت للكميت، وهو الكميت بن زيد شاعر، كان يتشيع للعلوين أيام الأمويين، والبيت في الإيضاح: (٣٢٥)، والطراز: (٣/ ١٣٥)، والمصباح: (٢٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>