لطيف، وعدول عن طريق حنيف، وهبناه في وقت شريف، وما ذكر الشارح مقابلا لتقدير المعطوف من أنه للتبعيض مع أنه في تقدير سواعد من أيد أيضا للتبعيض، إذ السواعد بعض الأيدي فكأنه مبني على جعل من التبعيضية اسما، وقد صرح به في شرح الكشاف، وقال: هذا مما استخرجته (عواص) من عصاه بسيفه ضربه به ضربة بالعصا (عواصم) من عصم على حد ضرب بمعنى منع أو وقي تمامه: (تصول بأسياف قواض) أي: قواتل، من قضى عليه قتله، وهو أنسب مما في الشرح، من أنه قضى عليه حكم أي حاكمه بالقتل، (قواضب)(١) من قضبه بمعنى قطعه، على حد ضرب يعني أسياف قواتل للأحياء قواطع للأشياء أيا كانت خشبا أو حجرا أو حديدا، فلا يكون ذكر القواضب مستغنى عنه بالوصف بالقواتل، وتكون الزيادة في الآخر لعدم الاعتداد بالتنوين.
(وربما يسمى) قال المصنف أعني الثالث (مطرفا) نقلا من الخيل الأبيض الرأس والذنب وسائرهما مخالف فإن آخره بخلاف الباقي في كون اللفظ إعادة، قال المصنف: ووجه تحسينه أنه يوهم قبل ورود آخر الكلمة كالميم من عواصم أنها هي الكلمة التي مضت، وإنما أتى بها للتأكيد حتى إذا تمكن آخرها في نفسك ووعاه سمعك انصرف عنك ذلك التوهم وحصل لك الفائدة بعد اليأس منها، هذا وفيه نظر من وجهين: الأول أن توهم التأكيد ليس عاما لأنه لا يشمل مثل قولنا: لهم أيد عواص، وأعين عواصم؛ إذ لا مجال لتوهم التأكيد، فينبغي أن يحذف قوله:
وإنما أتى بها للتأكيد، والثاني: أن اختصاص الوهم بالزمان السابق على ورود الآخر إنما يتم في مثل عواص عواصم، وأما في عواصم عواص فالوهم باق بعد ورود الآخر، فالأولى أن يقال قبل معرفة الآخر، ووجه تحسين القسمين السابقين جمع الألفاظ المتناسبة، فهما في المحسنات اللفظية نظير مراعاة النظير في المحسنات المعنوية، وهذا الوجه يعم أقسام الجناس (وإما بأكثر) قد عرفت أنه ثلاثة أقسام كقسميه، ولم يذكر منه إلا قسما سمي باسم لبيان اسمه (كقولها) أي الشاعرة، وهي الخنساء ويقال لها خناس أيضا أخت صخر: [(إنّ البكاء)] بالضم والكسر أو الثاني لكثرته فهو أنسب هنا [(هو الشّفاء من الجوى)] هو حرقة القلب
(١) البيت في ديوانه: ١/ ٢٠٦، والطراز ٢/ ٣٦٢، والإيضاح: ٣٣٥.