للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عظم نفعه، كالسحاب الذي يبطؤ في سيره، فإن نفعه كثير.

فبيت أبي الطيب مع اشتماله على زيادة بيان للمقصود بضرب المثل له بالسحاب يتضمن بسببه تشبيهه بالسحاب الماطر في كثرة منافعه، وفي إحياء الموهوب له كإحياء السحاب الأرض.

(وثانيها): أي ثاني الأقسام وهو ما يكون مذما لكون الثاني دون الأول (كقول البحتري: [إذا تألّق]، أي لمع ([في النّدى]) في الصحاح: الندى على فعيل، لكن في القاموس كفتى، هو مجلس القوم ما داموا فيه، فإن تفرق القوم فليس بندى، والشعر يساعد الصحاح ([كلامه المصقول]) (١) أي المجلو، في الشرح فيه استعارة بالكناية، حيث شبه الكلام بالسيف، وأثبت له التألق والصقالة كإثبات الأظفار للمنية، وفيه أن إثبات اللمعان أو الصقالة تخييل، والآخر ترشيح، إذ التخييل لا يكون إلا واحدا.

والأوجه: أنه شبه الكلام بالبريق الصافي عن الكدر، وأراد بكونه مصقولا خلوصه عن الكدر، وأثبت اللمعان والخلوص عن شائبة الكدر، وجعل ذلك البريق ظاهرا من لسانه الذي كالسيف القاطع المصقول، وجعله بعضا من السيف، لأن اللسان يشبه رأس السيف، وضمن وصفه بكمال الفصاحة، وكون كلامه ماضيا كون سيفه قاطعا، ووصفه بالشجاعة، فليس فضل بيت البحتري في مجرد اشتماله على الاستعارة والتخييلية كما ذكره المصنف في الإيضاح، وتبعه الشارح، بل فيه تشبيهات دقيقة واستتباع لطيف أيضا.

(وقول أبي الطيب:

كأنّ ألسنتهم في النّطق على ... رماحهم في الطّعن خرصانا) (٢)

في الشرح: خرصان الشجر قضبانها، وخرصان الرماح أسنتها واحدها خرص بالضم والكسر، يعني لفرط مضيّ أسنة رماحهم ونفاذها كأن ألسنتهم عند النطق


(١) البيت في الإيضاح: (٣٥٤). وتمامه:
...... ... خلت لسانه من عضبه
(٢) البيت أورده القزويني في الإيضاح: (٣٥٤). خرصانا: مفعول ثان ل «جعلت»، والخرصان: أسنة الرماح، واحدها خرص، يشبه ألسنتهم في الذرابة بأسنة رماحهم الماضية.

<<  <  ج: ص:  >  >>