للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والنفي راجع إلى القيد الذي هو قوله [(وأحبّ فيه ملامة) لأنه حال لتقديره:

بأنا أحب، أو لتجويز كون المضارع المثبت حالا بالواو للضرورة، أو على سبيل الشذوذ، وأما تجويز البعض الحال بالواو إذا كان مضارعا مثبتا مطلقا، كما يشعر به كلام الشارح، فلم يعثر عليه مع التفحص البليغ، وأما جعل النفي للمجموع بجعل الواو للعطف ففيه تقصير، لا يراد ما يحتمل انتفاء حبه احتمالا ظاهرا، وفي اختيار أحبه على لا أحبه التحرز عن ذكر لا أحبه، وضمير فيه في قوله ([وأحب فيه]) كضمير أحبه لكن بتقدير مضاف أي أحب في حبه على طبق في هواك، أو إلى الحب المذكور في أأحبه معنى [(إنّ الملامة فيه] أي في حبه) على أحد الوجهين [من أعدائه] (١) أي ممن يعادونه، فكيف أحب الملاقاة مع أعدائه، وفيه أن الملامة قد تكون من أحبائه الذين لا يرون اللوم لائقا بدعوى حبه! أو المراد بأعدائه من يعاديهم على أن يكون الأعداء جمع عدو، بمعنى المفعول، وحينئذ يصفو المعنى عن ثبوت التردد، وإنما بين السبب في البيتين على النقيضين لأن الأحسن في هذا النوع أن يبين السبب إلا أن يكون ظاهرا كما في قول أبي تمام: ([ونغمة معتف جدواه]) أي ([أحلى على أذنيه من نغم السّماع]) (٢) قوله جدواه مفعول معتف، وقول أبي الطيب: [والجارحات عنده نغمات سبقت قبل سيبه بسؤال] فإن كلا من التلذذ بسؤال السائل والتألم لفوت العطاء قبل السؤال منشأه كرم في غاية الكمال، وهو أظهر من أن يخفى بدون ذكره الحال.

(ومنه: أن يؤخذ بعض المعنى ويضاف إليه ما يحسنه) تحسينا ذاتيا أو عرضيا، وأما إذا أخذ كل المعنى ويضاف إليه ما يحسنه فهو من الأخذ الظاهر الذي الثاني فيه أبلغ (كقول الأفوه) الأفوه وهو في اللغة الواسع الفم، أو طويل الأسنان بحيث خرجت من الشفتين: [وترى الطّير] جمعه طائر ويقع على الواحد


(١) البيت في ديوانه: ٢/ ١٠٣ من قصيدة مطلعها:
القلب أعلم يا عذول بدائه ... وأحقّ منك بجفنه وبمائه
فومن أحب لأعصينّك في الهوى ... قسما به وبحسنه وبهائه
والبيت في الإيضاح: (٣٥٧)، والإشارات: (٣١٤).
(٢) البيت في الإيضاح: ٣٥٧. نغمة معتف جدواه: صوت طالب معروفه.

<<  <  ج: ص:  >  >>