للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعدم الخطأ فيه فصاحة وبلاغة وهو أنسب بالمقام، وإما أن يراد به مطابقة النطق، وبراءته عن الكذب، وفيه مسألة عصمة النبي عن الكذب، واختار الوصف به؛ لأنه مما وصف الله به الملائكة المقربين؛ حيث قال: وَقالَ صَواباً (١) ثم فضله ثانيا على الأنبياء صريحا بقوله: (وأفضل من أوتي الحكمة وفصل الخطاب) يحتمل العطف على (أوتي الحكمة) فيكون جملة فعلية، كما يحتمل العطف على الحكمة عطف مفرد على مفرد، وهو الحكمة، ولم يتحاش من حديث «لا تفضلوني على موسى» (٢) ومن حديث «لا تفضلوني على يونس بن متى» (٣)؛ لأن المذهب أنه أفضل الأنبياء، وكل نهي ورد في الأحاديث عن تفضيله مؤول تكلف يطلب تأويله في شروح كتب الحديث، واختار الإبقاء على من له الحكمة ومن جاء بالحكمة تنبيها على أنه من عند الله لا من عند نفسه، وترك الفاعل لأنه متعين.

(والحكمة): العدل والعلم والنبوة على ما في القاموس، وفسرها الكشاف بعلم الشرائع (وفصل الخطاب) بمعنى الخطاب الفاصل بين ما قصد به وغيره بكمال وضوحه فيما قصد به، أو الخطاب المفصول المتميز عن غيره لذلك، أو الخطاب الفاصل بين الحق والباطل، والخطاب المفصول المتميز عن غيره بحيث لا يشتبه بكلام البشر لإعجازه، فيكون إشارة إلى المعجزة الباقية بعد الإشارة إلى النبوة في وجه، جمعا بين المدلول والدليل في وجه، وبين العلم وحسن التعليم والتبليغ في وجه.

(وعلى) أعاد كلمة (على) ردّا على الشيعة أن جمع الآل مع الرسول في الصلاة بكلمة (على) لا يجوز، ويجب ترك الفصل بينه وبين آله.

(آله) أصله: أهل بدليل أهيل، خص استعماله في الأشراف، ومن له خطر، بمعنى أنه لا يستعمل إلا في من هو أهل الأشراف، بحسب الدين أو الدنيا. قال صاحب الكشاف: ينافي تصغيره اختصاصه بالأشراف، وكأنه يريد


(١) النبأ: ٣٨.
(٢) أخرجه ابن كثير في البداية والنهاية (١/ ٢١٣)، وقال: هو في الصحيحين، ولم نجده فيهما.
(٣) أورده القاضي عياض في الشفا (١/ ٢٦٥). وفي صحيح البخاري، باب في فضائل الأنبياء: «لا ينبغي لعبد أن يقول: أنا خير من يونس بن متى».

<<  <  ج: ص:  >  >>