مزيد مبالغة في نفعه؛ إذ الاشتهار لا يكون إلا للنفع، وصيانة عن تهمة الكذب، إذ دعوى الاطلاع على جميع ما صنف فيه ودعوى إثبات النفع العظيم بجميع ما صنف فيه بعيدة عن مظنه التصديق، وإنما جعلنا البيان للضمير دون ما كما في الشرح لأن البيان حال من المبين، وما صنف مضاف إليه، وليس فاعلا ولا مفعولا؛ لكن في مقارنة زمان الاشتهار لزمان التصنيف نظر يحوج دفعه إلى تكلف، وجعل القسم الثالث كتابا وهو بعض من الكتاب أيضا يستدعي تكلفا.
(نفعا) لا بد من اعتبار مضاف: أي لما كان نفع القسم الثالث أعظم منافع ما صنف فيه، فنفعا إما تمييز عن نسبة كان إلى القسم الثالث فتقدير المضاف في ما صنف فيه وإما عن نسبة أعظم إلى ما صنف فيه، فتقديره في القسم الثالث، وكأنه مراد الشارح حيث قال تمييز من أعظم، وجعله تمييزا عن المشهورة بعيد، وإن كانت أقرب أي المشهور نفعها، وبين كونه أعظم نفعا بكونه جامعا لثلاثة أمور كل منها مشتمل على عظم نفع، لا بكل من الثلاثة، كما يشعر به كلام الشارح، حيث جعل قوله وأتمها تحريرا وقوله وأكثرها للأصول جمعا، في تقدير ولكونه أكثرها للأصول جمعا، أما كون حسن الترتيب سببا لعظم النفع فلأنه لما حسن الترتيب يوجد كل مقصد في محله فلا يفوت الطالب، وأما كون تمام التحرير سببا فلأنه إذا خلا عن الزوائد وما لا نفع فيه لم يكن للناظر فيه تضييع وقت، ويكون خالص النفع فيعظم نفعه، وأما كون كثرة الجمع للأصول سببا فظاهر.
واعلم أن قوله:(وكان القسم الثالث إلى قوله نفعا) فقرة يعادلها قوله:
(لكونها أحسنها ترتيبا وأتمها تحريرا وأكثرها للأصول جمعا) فقد بعد من قال الأولى أن يقول: أعظم ما صنف فيه من الكتب المشهورة نفعا لكونه أكثرها للأصول جمعا، ليكون كلاما مسجعا، ويكون قوله:(لكونه أحسنها ترتيبا وأتمها تحريرا) مشتملا على صنعة الموازنة والترتيب، جعل كل شيء من المجموع في مرتبته، والتحرير جعل الشيء حرّا استعير لأخذ الخلاصة وإظهارها؛ فإن الكلام المقتصر على الخلاصة منزه عن ذل الاشتمال على الحشو، فكأنه حرر بالتحرير، وكون الكتاب أتم تحريرا عبارة عن كون أجزائه المحررة أكثر من محررات أخر،